الذي وقع لم يقع..

يقول الرئيس المصري إن "التاريخ لا يعود إلى الوراء". قالها بمناسبة "عدم تعليقه" على الحكم ببراءة الرئيس الأسبق ومساعديه (التزاماً بـ"تحريم الدستور تناول الأحكام القضائية"، واحتراماً لـ"استقلال القضاء"..). ولكن الجملة تشير إلى نقيض ما أرادت الإيحاء به من تجاوز الماضي والسير قدماً، كما أكمل الرئيس. فالتاريخ منذ أيام، ومع ذلك الحكم، عاد فعلا إلى الوراء،
2014-12-03

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

يقول الرئيس المصري إن "التاريخ لا يعود إلى الوراء". قالها بمناسبة "عدم تعليقه" على الحكم ببراءة الرئيس الأسبق ومساعديه (التزاماً بـ"تحريم الدستور تناول الأحكام القضائية"، واحتراماً لـ"استقلال القضاء"..). ولكن الجملة تشير إلى نقيض ما أرادت الإيحاء به من تجاوز الماضي والسير قدماً، كما أكمل الرئيس. فالتاريخ منذ أيام، ومع ذلك الحكم، عاد فعلا إلى الوراء، ليُنكِر الوقائع.. ولا يتعلق الموقف فحسب بمظلومية الشهداء الذين سقطوا، والذين ناشدت المحكمة نفسها الرئيس الإسراع برعايتهم والتعويض على المعطوبين منهم وعلى عائلات الراحلين (مما لم..)، فهب الجميع للتصدي للمهمة، وكأن الشهداء والجرحى ضحايا زلزال أو بركان. والأهم أن الجميع بريء من تهم التربح وسرقة المال العام. على الرغم من وجود مليارات منهوبة. وبريئون من محاباة إسرائيل (ليس في السياسة، فهذه ليست تهمة "جديرة"، بل بخصوص بيع/منح الغاز المصري إليها بشكل شبه مجاني).
لم يكتف الحكم بتبرئة مبارك بل برّأ الرموز الشرسة للقمع والفساد ممن كانوا حوله يحكمون البلاد. وهذا لمحو اللحظة التمردية التي فضحت أقبية الداخلية ونشرت على الملأ وثائق النهب. لم! تقول المحكمة، وهي بذلك تضع ختمها على سياق جارٍ منذ اللحظة الأولى لانفجار الانتفاضة، يهدف إلى كبحها واستعادة "النظام". سياق تمكن من تحقيق انتصارات لألف سبب، ولكن ذلك لا يعني أبداً أن الذي وقع لم يقع، وأن الذي قيل لم يُقَل، وأن الحرية والأمل اللذين وُلدا في تلك الأيام كانا وهماً. إذ لا يلغي الثورة هزيمتها.. والحرية والأمل وما صاحبهما من إبداع وشجاعة ووعي وخيال وذكاء وكرامة ـ أي من استعادة للذات الحيّة ـ كانا من الخطورة بحيث تكتلت كل قوى النظام العام المهيمن، المحلية والإقليمية والعالمية، للقضاء عليه كتهديد مرعب. من فرط ما ذُعرت تلك من الاحتمال (بمعناه التاريخي)، لجأت إلى القمع المريع والديماغوجيا المقرفة. وأطلقت "الحرب الكونية على الإرهاب" بزعامة واشنطن لتُكسِب التحالف الجديد لقوى ذلك النظام القوة المنسَّقة والتبرير العام. وفي ظلها يعاد ترتيب الأوضاع التفصيلية.
ومن فرط ذعرهم مما رأوه في تلك اللحظة، يعملون للسحق الكامل، ولتسفيه ذاكرة الثورة ونياتها. إنه التخطيط لإحلال اليأس كوسيلة للحكم. للتحكم.. فلا تيأسوا!


وسوم: العدد 122

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...