فلتُقطع رؤوسهم!

إن كان ثمة حاجة لدليل على الأهمية الكبرى التي حاز عليها فلسطينيو 1948 منذ انهيار مشروع "التسوية السلمية" بآخر صيغها، أي وفق اتفاقية أوسلو، فتفاصيل الحملة الانتخابية الجارية في إسرائيل هذه الأيام، ومفرداتها، توفر ذلك. هذه الأهمية لا ترتبط بوضع ظرفي يتعلق بالنجاح في تشكيل القائمة العربية المشتركة. صحيح أن هذه ظَهّرت الكتلة الناخبة الفلسطينية كطرف يُحسَب حسابه في تقديرات المقاعد القابلة
2015-03-12

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

إن كان ثمة حاجة لدليل على الأهمية الكبرى التي حاز عليها فلسطينيو 1948 منذ انهيار مشروع "التسوية السلمية" بآخر صيغها، أي وفق اتفاقية أوسلو، فتفاصيل الحملة الانتخابية الجارية في إسرائيل هذه الأيام، ومفرداتها، توفر ذلك. هذه الأهمية لا ترتبط بوضع ظرفي يتعلق بالنجاح في تشكيل القائمة العربية المشتركة. صحيح أن هذه ظَهّرت الكتلة الناخبة الفلسطينية كطرف يُحسَب حسابه في تقديرات المقاعد القابلة للانتزاع، وفي البواقي المتيحة لما يمكن أن يتحول الى تحالفات مع جهات (صهيونية بالضرورة ولو بدت "معتدلة"، ولو كان اسمها مثلاً "ميريتس")، تقوم على الجنوح لإنزال الخسائر بنتنياهو وبينيت ومَن على شاكلتهما.. وهو ما يضغط من أجل الاتفاق عليه مَن يعتقدون أنهم حلفاء طبيعيون، ويغضبون (ويشتمون مفصحين عن عنصريتهم هم أيضاً وعن تعاليهم الاستعماري) حين تبدو القائمة غير مكترثة به أو متوافقة على رفضه، كما هي حتى الآن.
نقطة القلب من الأمر ومن شروط الممارسة القائمة، أي ما هو استثنائي حقاً، يتعلق بمعنى وجود أقلية فلسطينية يُفترض أنها أيضاً إسرائيلية، بينما هي في الواقع تجسيد لوجود المعطى الاستعماري ولوجهه الأكثر قبحاً. ويفترض أن هدف الفعل الفلسطيني هو بلورة هذا التناقض بوصفه ما يلخّص الصراع، وما يرسم حدوده الوجودية. فليبرمان مثلاً يريد (حرفياً) "قطع رؤوس العرب الإسرائيليين" الذين لا يبدون وفاء لدولة إسرائيل، وسيكون "سعيداً" بإعطاء بلدة أم الفحم إلى أبو مازن، لأنه يعيب عليها أن ترفع الأعلام السوداء حزناً في يوم النكبة. ما يفترض علناً وليس ضمناً أن على الفلسطينيين أن يكونوا ممتنين لوضعهم، وإلا عوملوا كخونة جاحدين. "ما لم نفعل ذلك فلن يبقى لنا وجود في هذه البلاد" يقول ليبرمان.
التعبير عن قلق الوجود هذا يتكرّر. فقد حمله التيار الإسرائيلي الذي يرى في نتنياهو وسياساته (الاصطدام مع الإدارة الأميركية، اللجوء إلى الحروب لتجاوز الأزمات الداخلية الخ..) خطراً عظيماً على "وجود إسرائيل"، كما قال في مهرجان حاشد منذ أيام مائير داغان، وهو ليس بالرجل طري العود، بل كان رئيس الموساد، مضيفاً أن خطر "الدولة ثنائية القومية" ماثل بقوة.
كان يصعب الوقوع على أدبيات أكثر جلاء في التعبير عن التناقض الذي يحكم نشأة إسرائيل ويرافقها مهما تبدلت الظروف، والذي.. لا حلّ له.

 

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...