"لا معقول"، غير منطقي ومؤلم أن يعلن العراق، بالغ الثراء اقتصادياً وبشرياً، أنه يواجه أزمة إنسانية وعجزاً يصل إلى أكثر من مليار ونصف المليار دولار، عسى تساعد هيئات دولية في توفيرها، وإلا فسيُصرف موظفون أو تخفض رواتبهم، وسيُترك النازحون بلا معونة، ويخرب التعليم والصحة فوق خرابهما، وتتعطل الكهرباء أكثر.. وتتضرر الجهود الحربية ضد داعش.
"الإدارة مترهلة" جداً، كما بدأ يُقال استكشافاً لحلول للعجز، وهو "اكتشاف" غريب يناقض دولة الريع التي لم تفعل، ومنذ عقود، سوى توسيع التوظيف المدني والعسكري لكل أبناء المجتمع، كطريقة لتوزيع الفتات بالتأكيد، وإنما وقبل ذلك بغاية ــ نعم: كهدف مقصود ــ تعطيل الإنتاج كله ( الذي يعني تعريفاً استقلالية البشر المنتجين إلى حدّ بعيد)، وضبط للناس في قبضة السلطة عبر مُرتَّب آخر الشهر. وقد سهّل وجود النفط الوفير المهمة.
ثم هناك حجة داعش لتبرير هذا العجز، وهي تشبه حجة إسرائيل التي لم تعد على الموضة! عطّلت هذه كل المشاريع فيما مضى، كما يعطل ذاك الآن، وتسببت كما يتسبب داعش بكوارث ونزوحات وبتخصيص جُل المال لـ "المجهود الحربي". والخشية أن تكون النتيجة هنا، كما كانت هناك، تُداني الصفر لو أردنا البقاء مهذبين، ولو تغاضينا عن الفساد والسمسرات في السياق، وعن الخيانات، وعن توظيف تلك المعارك الكبرى خارج صددها: لكمّ الأفواه، ولتدعيم سلطات خائبة.. وبكل الأحوال للإبقاء على العوج، وحمايته حتى من النقد، وقطع الطريق على أية مبادرة للتفكير بكيفية تجاوزه.
وهناك حجة انهيار أسعار الخام، وقد أصبح العراق بلداً يعتمد على عائداته بنسبة 95 في المئة (لو بقينا مهذبين)، ونسي أنه بلد زراعي منذ وُجدت البشرية وحتى عقود قليلة مضت، وأنه من أول بلدان المنطقة تشييداً لصناعات شتى، وأنه حتى أمس قريب (بمقياس حياة الشعوب) كان يعرف الاكتفاء الذاتي في جُل حاجات سكانه، تماماً مثل ذاك البلد الزراعي الكبير الآخر، الجزائر، ومثل تنويعات شتى في أماكن أخرى من المنطقة، حيث الاتكال على الريوع، نفطية وغير نفطية، هو الطاغي.
وهناك بالطبع الفساد والنهب المريعان. لكنهما نتيجة وليسا أصلاً.
فهل فات أوان هذا الكلام بإزاء إلحاح الجوع القائم، أم ينبغي الانتظار للوصول إلى مزيد من الحضيض حتى يحين وقت المراجعات الكبرى الشاملة؟
إفتتاحية
كلام فات أوانه أم لم يحنْ بعد؟

مقالات من العراق
هؤلاء هم الذين قمنا باحتلالهم: أن يزورنا ابن جندي بريطاني حارب في العراق 2003
"ليس هناك قدر كافٍ من الأسف يمكن تقديمه، ولكن ما أراه مُدهشاً هو أن عراقيَيْن، وبريطاني، يمكنهم الجلوس هنا واحتساء القهوة، ذلك جميل!". وهو محق. أمر جميلٌ أن يجالس الناس...
تطبيق «العفو العام» في العراق.. 200 ألف دولار للملف الواحد!
لا توجد إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاما متضاربة تؤكد أنها تقارب مائة ألف سجين، يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة...
«حرب التسريبات» تتصاعد.. من يعبث بالمشهد السياسي؟
الوضع السياسي الحالي، وبعد قرار الصدر بعدم المشاركة في الانتخابات وارتفاع نسبة العازفين، يضع الكتل السياسية تحت ضغط كبير، مما يدفع بعض الأطراف لصناعة أزمات طائفية أو سياسية سعياً لتأجيل...
للكاتب نفسه
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.