ذلك هو التوصيف الذي يورده الدستور المصري لثورة 25 يناير 2011، ما يثير تساؤلات وافتراضات شتى: أنّ الجملة مجرد إنشاء لفظي يزيده شكلية التفخيم، كتعبير "فريدة" ذاك، الذي يذكِّر بشعارات وجمل أشهرها "مصر فوق الجميع"، خرجت في السنوات القليلة الماضية لـ "تغطية السموات بالقبوات" كما يقال، أو كبروباغندا قائمة على تحفيز أجوف لمشاعر الافتخار الوطني لتغليف الأوضاع بالغة السوء. وربما ومن جهة أخرى، يحاول توصيف الدستور ذاك استيعاب الثورة عبر تبنيها، ما قد يمنح خنّاقها شرعية ما في سعيهم لوأدها، وهو تكتيك التفافي معروف.. المهم، أن ثورة مصر الأخيرة (سليلة كثيرات سبقتها، بغض النظر عن النجاح والهزيمة) قد وقعت، وأنها أبانت عن الممكن، ليس فحسب على مستوى النظرية والرأي أو حتى الكتابة، بل في الواقع، أي في "الظروف المحددة". وهذا بذاته هائل، لو تذكرنا كمّ القمع المنهجي والتيئيس (الأشد منهجية من القمع نفسه) وإفقار الناس ودفعها إلى التفكير بلقمة العيش وحدها (وعدم نيلها!) وتغلغل الفساد والخراب العظيمين في كل الثنايا بحيث تبدو مهمة التغيير مستحيلة.
هناك اليوم في مصر، كبرى بلدان الأمة، 3462 طالباً في مختلف المراحل التعليمية "محبوسون على ذمة قضايا"، قرر وزير الداخلية منحهم حق أداء امتحانات نصف العام الدراسي الحالي! ومن دون التعليق على البيان المصاحب للقرار والذي يمارس مديحاً ذاتياً مضحكاً، إذ يعْلمنا أنه تطبيق لـ "استراتيجية تفعيل مبادئ السياسة العقابية بمفهومها الحديث، وتوفير أوجه الرعاية المختلفة للنزلاء التي تُعلي من قيم حقوق الإنسان وتصون حقوق النزلاء، والاهتمام بالعملية التعليمية... إلخ"، فذلك يعني أن هناك فعلاً في السجون المصرية ما يقارب 50 ألف معتقل كما تقول الإشاعات المغرضة للمخربين والخونة (أي الجهات الحقوقية التي تكدح في متابعة الموضوع)، على اعتبار عملية حسابية لنسبة الطلاب من السكان، طالما يُحتفظ بالسر مكيناً.. ولعل السلطات نفسها لا تعرف العدد بشكل مضبوط. وهذا لا يقول حجم القمع وحده، بل حجم الثورة نفسها، وهو ما لا يمحوه عسف أو تيئيس وتسخيف (ها قد عدنا إلى الأدوات القديمة!).
دليل آخر؟ استدعى موعد الذكرى الخامسة للثورة آلاف المداهمات والعربات المسلحة والفرق العسكرية الراجلة.. تجوب ميداناً فارغاً: مَن الخائف؟
إفتتاحية
"فريدةٌ بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية"
مقالات من مصر
قانون المسؤولية الطبية: تغلغل الفكر العقابي
يتجه المشرِّع إلى فرض عقوبات مشددة من دون النظر إلى طبيعة المهنة، ومن دون الرجوع إلى أهلها. فهناك أخطاء واردة، تحدث لأسباب خارجة عن إرادة الطبيب، وهناك أخطاء جسيمة. ولكن...
من العوز إلى الكفاية: حكاية قرية تمكّنت من الازدهار
يقول "رجب عوض"، الأب الروحي لكل المشروعات التى استطاعت القرية تنفيذها، أنهم فخورون بما حققوه لقريتهم في فترة وجيزة. فقبل ذلك، كانت أغلب بيوت القرية مبنية من خامات هشة وضعيفة،...
سردية "التجديد" في مصر: سياسات قديمة بواجهة حديثة
في عام 2021، أطلقت "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، وقُدِّمت كنقطة تحوّل في تعامل الدولة مع ملف الحريات، واعتبرها الرئيس "السيسي" خطوة جادة نحو النهوض بأوضاع حقوق الإنسان. وفي المقابل، أظهرت...
للكاتب نفسه
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.