.. النظام العالمي!

هذه المرة "الفضيحة" مالية. في المرة السابقة كانت سياسية، تناولت حربي العراق وأفغانستان، وفي مرة أخرى تعلق الأمر ببرقيات الدبلوماسية الأميركية من سفارات واشنطن في العالم وإليها.. وبين هذه كلها موجات من "فضائح" من كل نوع.. وفي كل مرة نقف أمام لعبة دمى روسية: واحدة في جوف الأخرى. كنا "نعرف"، ولكننا هنا أمام وثائق أهل الشأن: ليست مجرد براهين، وإنما مصادر وأوراق وأسماء
2016-04-07

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
أسامة دياب - فلسطين

هذه المرة "الفضيحة" مالية. في المرة السابقة كانت سياسية، تناولت حربي العراق وأفغانستان، وفي مرة أخرى تعلق الأمر ببرقيات الدبلوماسية الأميركية من سفارات واشنطن في العالم وإليها.. وبين هذه كلها موجات من "فضائح" من كل نوع.. وفي كل مرة نقف أمام لعبة دمى روسية: واحدة في جوف الأخرى. كنا "نعرف"، ولكننا هنا أمام وثائق أهل الشأن: ليست مجرد براهين، وإنما مصادر وأوراق وأسماء وأختام نابعة مِن عند مَن يقومون بذلك، هم أنفسهم.

هذه المرة الأبطال صحافيون. في المرات السابقة كانت أسماؤهم أسانج وسنودن. وهناك من سبقهما ــ هل نسينا مثلاً فضيحة صور التعذيب الأميركي الهمجي في معتقل أبو غريب المسربة في 2004، بعد أشهر من غزو واحتلال العراق؟ ــ وهناك من يقف إلى جانب كل واحد منهما. ولهذا معانيه ودلالاته.

الصحيفة الألمانية التي اتصل بها المسرِّب الأول من باناما لم تحتفظ بالغنيمة لنفسها: عهدت بالأمر إلى الاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين. وهكذا اشتركت في الاستقصاء 109 مؤسسات صحافية في 76 بلداً، وعمل على الموضوع 350 صحافيا لما يقرب من السنة، من دون ثرثرة ولا تسابق على المنفعة، حتى اكتمل وصار جاهزاً للجمهور. وهذا أيضا له معانيه ودلالاته.

في باناما يتجاور رئيس كوريا الشمالية المنبوذ مع "زعماء" من العالم، بينهم بالطبع عرب. رؤساء دول وأبناؤهم وزوجاتهم، وساسة، ورجال أعمال، وشركات كبرى وبنوك لا تقل عنها كبراً. وباناما لها فروع في قلب دول أوروبا المتحضرة، ولها أشقاء وشقيقات وأقران.

هذا ليس "الجانب المظلم للنظام المالي العالمي" كما قيل في أبرز التعليقات. هذا هو النظام المالي العالمي نفسه. قلبه وكبده. ومن دونه لما وُجدت "الفضيحة" الفعلية: أن تكون "ثروة 1 في المئة من أغنى أثرياء العالم تفوق ثروات بقية العالم مجتمعة". من دون "ليكس" بل في تقرير علني متداول لمنظمة اوكسفام. الفضيحة هي وجود ثلث البشرية، أكثر من ملياري كائن، جياعاً عراة، تحت خط الفقر. عدا فضائح الأدوية والأوبئة والأطعمة..

تلك لم تكن "انحرافات"، لا في أبو غريب ولا في مراكز التحقيق السرية العائدة لسي آي إي في العالم، ولا في غوانتنامو، ولا بخصوص الزواج غير القابل للفكاك بين هالبورتن وبلاك ووتر مثلا ودوائر رسم الاستراتيجيا، ودوائر اتخاذ القرار السياسي والعسكري، وناسجي الـ "ستوري تيللنغ" أو الحكايات الإعلامية، ومروجي الأفكار.. وبالطبع، لا يخص الحال الأمريكان وحدهم.

"نعرف". فهل يكفي ؟

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...