المعادلة الصحيحة!

بالمقاييس العقلانية الحسابية، فلا بد أن أهل فلسطين، والغزاويين منهم تحديداً، مجانين.. تماماً كما كان ذلك القسم من اللبنانيين، والجنوبيين منهم تحديداً، مجانين حين ارتضوا التضحية بـ«أرواح الأبرياء» للوقوف بوجه إسرائيل. بينما وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم في القاهرة الاثنين، بعد سبعة أيام كاملة على بدء العدوان (سبعة أيام كفت الرب لخلق الكون) تمخضوا عن بيان مهذب يؤيد
2014-07-16

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

بالمقاييس العقلانية الحسابية، فلا بد أن أهل فلسطين، والغزاويين منهم تحديداً، مجانين.. تماماً كما كان ذلك القسم من اللبنانيين، والجنوبيين منهم تحديداً، مجانين حين ارتضوا التضحية بـ«أرواح الأبرياء» للوقوف بوجه إسرائيل. بينما وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم في القاهرة الاثنين، بعد سبعة أيام كاملة على بدء العدوان (سبعة أيام كفت الرب لخلق الكون) تمخضوا عن بيان مهذب يؤيد المبادرة المصرية لوقف النار ـ رفضتها حماس ـ انطلاقاً من «الحرص على أرواح الأبرياء وحقنا للدماء». إذ: معقول يا قوم؟؟ هذا رابع جيش في العالم. ومن لم تجف منه كل نقطة حياء، قد يقول إن إسرائيل المتفوقة عسكرياً، عدوانية إلى حد لا يمكن مجاراته ولا صده. يقولها بلا إعجاب بالقوة بل إدراكاً للشراسة، وبلا اختباء وراء عبارات متعالِمة عن موازين القوى والظروف المحيطة الخ... ولكن الفلسطينيين، على الرغم من ذلك كله، من معرفتهم به بالملموس والخبرة المعيشة، يبكون قتلاهم ويتألمون لجرحاهم ومعتقليهم، ويتحسرون على بيوتهم المهدمة... ولا يستسلمون.هي المعادلة الصحيحة. فـ«الثمن» لا يمكن أن يكون متشابهاً بين الطرفين. هكذا على الدوام في قصص التحرر، ومنذ فجر التاريخ. المعادلة تخص بناء شروط الصراع وإدامته بكل الأشكال بلا استثناء للعنفي عند الاضطرار.
من دون ذلك تُطبق الهيمنة الاستعمارية الإسرائيلية وتحوّل الفلسطينيين (وسواهم!!) الى عبيد. لا معادلة سواها حيال تفوق إسرائيل العسكري، وحيال الحرية المطلقة التي تنعم بها، دولياً وعربياً، لتبطش بالفلسطينيين وبكل من يقف بوجهها (ما يسميه اوباما حقها المطلق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات «لا تغتفر»).
بعد ست وستين عاماً (وهو زمن قصير في نظر التاريخ) تصل إسرائيل الى الجنون، «أعلى مراحل الصهيونية». جنون مرتبط باستحالة المشروع. هي متفوقة علمياً وتقنياً، وقوية عسكرياً، ومستنفَرة اجتماعياً، بوصفها خلاصة غربية مكثفة. ولكن «الفلسطيني الوحيد الجيد هو الفلسطيني الميت»... سوى أنهم لم يُبادوا جميعاً. ولن.
وما زالت فلسطين تثير تضامن الكثيرين في العالم وتعاطفهم. فتجن إسرائيل من حملة مقاطعتها، يجننها أن فلسطينيي 1948، «ناكرو الجميل»، وأهل القدس المسحوقون بمخطط التهويد، يناهضونها. وعند اللزوم يتضامنون مع غزة. وإسرائيل لا تطمئن حتى لمحمود عباس، وتراه شريكاً غير صالح: فأين «العقلانية»؟

للكاتب/ة

حوار مع نهلة الشهال: بوصلتنا الاستمرارية في «البحث وسط الخراب عما ليس خرابًا»

في الحوار مع «الفيصل» تكشف الشهال عن مسار طويل من الالتزام الفكري والسياسي، يمتد من تجربة اليسار الجديد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى تأسيس منصة «السفير العربي» التي صارت...

صون شعاع الأمل المتجدِّد

هذا صراع عنيف وشرس، لم يتوقف يوماً، منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. ينتصر الخير أحياناً، وينتكس في أحايين أخرى، وينهزم مرات. وحين ينتصر، يُصاب البشر بالنشوة، وحين ينهزم يهبطون إلى...

العبودية الجديدة

لم تولد بشكل مفاجئ هذه الحال، التي تعيشها البشرية اليوم في كافة الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والفكرية. لم تولد مع الحرب الإبادية على غزة، الدائرة منذ عامين بوحشية نادرة....