مصيبة العراق

مرّ أكثر من خمسة عشر يوماً على «مفاجأة» داعش وحلفائها في الموصل. وقت كاف لقراءة معاني واتجاهات الموقف. وأولها أنه لا أحد ممن أوصل العراق إلى حاله الراهنة يبدو مهتماً بتقدير مسؤوليته أو أسباب ما وقع. المسؤولون الغربيون تحولوا إلى معلقين تلفزيونيين. وزير الدفاع الفرنسي يبشّر بـ«قرب توصل داعش إلى تحقيق أهدافها» (!) وأوباما يقرر بكل حكمة أن وضع العراق الحالي هو
2014-06-09

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

مرّ أكثر من خمسة عشر يوماً على «مفاجأة» داعش وحلفائها في الموصل. وقت كاف لقراءة معاني واتجاهات الموقف. وأولها أنه لا أحد ممن أوصل العراق إلى حاله الراهنة يبدو مهتماً بتقدير مسؤوليته أو أسباب ما وقع. المسؤولون الغربيون تحولوا إلى معلقين تلفزيونيين. وزير الدفاع الفرنسي يبشّر بـ«قرب توصل داعش إلى تحقيق أهدافها» (!) وأوباما يقرر بكل حكمة أن وضع العراق الحالي هو «نتيجة للانقسامات الطائفية التي تفاقمت»، وأما كيف ولماذا فعلمه في الغيب! وهو يَعدْ بضربات (يعيِّن انها محدودة!) بواسطة الطائرات بلا طيار التي أثبتت فشلها من أفغانستان وحتى الساحل الأفريقي، وحيثما استخدمت بلا حدود، وهو يعرف أن إجراءه هذا من قبيل رفع العتب. وأما من يظن من جيران العراق المتنابذين أن مصيبة بلاد الرافدين تعود عليه بنفع ما، فيرعى الوهم. والأدهى أولئك الذين يتكلمون عن «انتفاضة السنة» استعادة لحقهم المنقوص، التي تقابلها بالطبع «انتفاضة الشيعة» انتقاماً لمظلوميتهم التاريخية... مما ليس لا يبني شيئاً فحسب، بل يمثل وعداً أكيداً بالمحْق للجميع.
وقد لا تمانع واشنطن في منح إيران تفويضاً في العراق، ترى فيه خير فخ لاستنزافها، وهو في الوقت نفسه يحررها من عبء مواجهة إثم ما ارتكبته في البلاد، حيث عاث الأميركان فساداً ثم نفضوا أيديهم بإرساء «العملية السياسية» القائمة على المحاصصة الطائفية. وهذه استولدت «زعماء» همهم الوحيد توفير شروط استمرار نهبهم. متعددون لكنهم كأنهم واحدٌ مستنسَخ، سنة وشيعة وأكراداً. بلا أي حد، ولو أدنى، من الشعور بالمسؤولية عن البلد وعن الناس. انظروا مضمرات صراعاتهم الصغيرة اليوم فيما العراق يُذبح من الوريد: هذا همه حكومة جديدة بلا المالكي، ممنياً النفس بمكاسب تعود عليه، وآخر يدّعي أن مجلس محافظته كفيل بالمسلحين لو تلقى الدعم (وفهم السامع كفاية)، ومَن في المنقلب الآخر، يقول واحدهم بكل خفة إن «الأولوية للحل العسكري» (متناسياً أنه طُبِّق في الفلوجة منذ أكثر من عام ضد مدنييها المعتصمين، وكان أساً من أسس المصيبة الحالية)، فيما يقول آخر «جربوني أنا»، ويستعرض ثالث مسلحيه المستنفرين «لحماية المقدسات».. وليس البلد! تناهشٌ في دائرة ضيقة، عقيمة. قوم ينطبق عليهم أنْ «ألهاكم التكاثر». قوم غافلون.
            
 


وسوم: العدد 99

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...