ما الذي يجري في العراق؟

لا يتعلق السؤال بالاستعراض البائس لداعش في الموصل الذي تحوم حول ملابساته ألف علامة استفهام، تبدأ من الخيانات المحتملة لبعض الضباط، الذين اخْلوا بلا أدنى مواجهة المنطقة أمام بضع مئات من المسلحين، بينما عديد قواتهم يتجاوز السبعين ألفاً علاوة على الدبابات والطائرات... ولا تنتهي عند سائر مناطق الغموض التي لم يكلف المسؤولون العراقيون أنفسهم عناء جلائها، مكرِّسين بذا الطابع «القدري»
2014-06-19

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لا يتعلق السؤال بالاستعراض البائس لداعش في الموصل الذي تحوم حول ملابساته ألف علامة استفهام، تبدأ من الخيانات المحتملة لبعض الضباط، الذين اخْلوا بلا أدنى مواجهة المنطقة أمام بضع مئات من المسلحين، بينما عديد قواتهم يتجاوز السبعين ألفاً علاوة على الدبابات والطائرات... ولا تنتهي عند سائر مناطق الغموض التي لم يكلف المسؤولون العراقيون أنفسهم عناء جلائها، مكرِّسين بذا الطابع «القدري» المهول للظاهرة الغريبة.
ولا يتعلق السؤال بتعدد الأطراف التي تتناهش الحدث من كل صوب، مؤيدة ومعادية، يحاول كل واحد منها توظيفه لخدمة أغراضه: انظر بقايا البعث الذين يقولون بكل صفاقة «داعش للتخويف، أما في الحقيقة فهذا نحن!»، كما لو أن العراق لم يختبرهم كفاية، وكما لو أن العراقيين لا ينتظرون سواهم، وكما لو أنهم لم يتسببوا له بما يكفي من الكوارث.
 وهذا إعلام قطر بكل أدواته يتكلم عن «انتفاضة» أبطالها «مقاتلو قبائل ومسلمون»، ويبشر بقرب «سقوط بغداد»، وكأنهم صوت هولاكو يُبعث من جديد. وها الأكراد يرونها سانحة لاحتلال كركوك. وأما المدهش، فهي الأطراف الشيعية العراقية بكل مستوياتها، التي تتصرف كأقلية مذعورة في بلد تفـــوق نســبـة الشـــيعة من سـكانـه الـ70 في المئــة، فتعـلــن النفــير للـذود عــن «المقدسات» (؟؟)، عوضاً عن اتخاذ الحدث مناسبة للبروز كالطرف الوطني المعني بمصير البلد برمته، يسلك ويتكلم بوصفه كذلك وليس كميليشيا مذهبية (كبيرة ولا شك: أكبر من داعش!)، ويقترح خطة إنقاذ وطنية عامة.
وأما رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الخ الخ، السيد المالكي، فلو كان يابانياً لمارس الهارا كيري غسلا للعار وهو المسؤول بكل تلك الصفات، أو على الأقل لاستقال أسوة برئيس الوزراء الكوري الجنوبي الذي وجد نفسه مسؤولا عن غرق عبارة تقل تلامذة... ولكن أبداً. اعتبرها هدية من السماء تؤجل مواجهته لمعضلة تشكيل الحكومة. ويتكلم عن ضرورة «محاسبة المسؤولين». وأكثر: رأى فيها فرصة لنيل إعلان الطوارئ بشرعية كاملة من البرلمان!
بغداد ليست مهددة بأي سقوط. فهي والعراق برمته، سقطا منذ زمن تحت فساد ونهب يفوقان الخيال. «فرهود». وتحت مذهبية طاغية مدمرة. واليوم انتهت مرحلة: فإما وطنية عراقية وإما خراب كما وحده العراق يجيده.

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...