تدفع مجتمعاتنا اليوم، بشكل مكثف للغاية زمنياً، ثمن عقود من الاستبداد والتسلط والفساد وسوء الإدارة العامة والابتذال، وعلى ذلك امتهان المرتكزات القيمية التأسيسية التي لا يمكن لأي اجتماع إنساني أن يحيا ويتماسك من دونها. فأينما ولّى المرء وجهه يجد خراباً متنوع الأشكال. هل نعدد؟ هاكم ليبيا تتناحر فيها مجموعات هناك حيرة جدية في توصيفها، فلا هي مناطقية ولا هي قبائلية، بل تشير كل الدلائل إلى تشكّلها كمجموعات (حتى لا نقول عصابات) تَوّجت نفسها ذاتياً ناطقة باسم كذا أو ممثلة لـ... ويسهل أن تعتد كل واحدة منها بانتماءات شتى لأصحابها، أو تستقوي بعلاقات تمتلكها. إلا أن محركاتها لا تتجاوز منطق الغنيمة بمعناه المباشر البسيط، أو منطق انتزاع الغلبة بحجة الانتقام لغبن سالف مفترض أو درءاً لغبن محتمل. والأمران غير متناقضين، بل يتكاملان، إلا أنهما لا يؤسسان دولة ولا يصونان وطنا. ومن خرافية الموقف أن ينكشف بالتوالي تهافت التمثيل الوطني المتوفر وأن يُصمَّم رغم ذلك على تطبيق آليات «التمثيل الشرعي»، فيُنتخب مجلس نواب في حزيران/يونيو الفائت، ويجتمع منذ يومين في طبرق ليكمل حياته، فيما الفلتان التام يسيطر على العاصمة وكل الأنحاء. وتفلت على العراق المنكوب لعقود مجموعات «داعش»، وهي، فيما تقوم بتقتيل أبناء الطائفة الأزيدية في سنجار، يقدِّم البارزاني تفسيرا لتحريكه قوات البيشمركة الكردية ضدها بأن الأزيديين «أكراد أصلاء»، وأن داعش اعتدى على «أرض وشعب كردستان»... مغيباً العراق. وهناك أحوال سوريا ومصر واليمن، إن لم نذكر إلا تلك الأماكن التي يجتاحها العنف المسلح، تتراسل به جماعات متنوعة في ما بينها ومع السلطات. وهذه الأخيرة، حينما لا تكون منخرطة في العنف المسلح هي الأخرى، تكون مهمتها إدارة هذا العنف فحسب، وهي بذا، ومهما تغطرست.. فاشلة. أما أن وتترك غزة تذبح وحدها لما يقرب من الشهر، وتنفلت عليها همجية اسرائيل وجنونها المتصاعد، فيكشف حالاً عامة مهينة.
ظننا أنه يمكن الإفلات من تلك العقود الخربة المخرِّبة بسهولة، بثورات كان الاندفاع اليها والاستعداد لحملها كبيرا وصادقا وحقيقياً. لا يكفي. نحتاج لامتلاك رؤية مشتركة للمستقبل، لصوغها مهما كانت الصعاب والمعوقات هائلة. بصبر وإبداع وخيال وعناد. وأما من يعلن يأسه وتخليه، فتبّاً له.
إفتتاحية
سؤال هذا الخراب
تدفع مجتمعاتنا اليوم، بشكل مكثف للغاية زمنياً، ثمن عقود من الاستبداد والتسلط والفساد وسوء الإدارة العامة والابتذال، وعلى ذلك امتهان المرتكزات القيمية التأسيسية التي لا يمكن لأي اجتماع إنساني أن يحيا ويتماسك من دونها. فأينما ولّى المرء وجهه يجد خراباً متنوع الأشكال. هل نعدد؟ هاكم ليبيا تتناحر فيها مجموعات هناك حيرة جدية في توصيفها، فلا هي مناطقية ولا هي قبائلية، بل تشير كل الدلائل إلى
للكاتب نفسه
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
نهلة الشهال 2025-01-16
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
نهلة الشهال 2024-11-29
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.