يا عراق!

قاومنا بشدة حرْف البصر عن فلسطين وعن المذبحة الجارية في غزة. وهو أضعف الإيمان فيما نشعر بعجز مهين لعدم قدرتنا على قلب الدنيا وإيقاف الجريمة. وقاومنا أكثر محاولات رسم متوازيات بين مدينتي غزة والموصل أو بين فلسطينيي القطاع ومسيحيي نينوى. نعم، قتْل الناس وتعذيبهم وتهجيرهم واحد. وليس الأمر يتعلق بالحفاظ على تراتبية بين القتَلة، بل محاولة رفض الخلط باعتبار السياقات المختلفة وأيضا المآلات
2014-07-30

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

قاومنا بشدة حرْف البصر عن فلسطين وعن المذبحة الجارية في غزة. وهو أضعف الإيمان فيما نشعر بعجز مهين لعدم قدرتنا على قلب الدنيا وإيقاف الجريمة. وقاومنا أكثر محاولات رسم متوازيات بين مدينتي غزة والموصل أو بين فلسطينيي القطاع ومسيحيي نينوى. نعم، قتْل الناس وتعذيبهم وتهجيرهم واحد. وليس الأمر يتعلق بالحفاظ على تراتبية بين القتَلة، بل محاولة رفض الخلط باعتبار السياقات المختلفة وأيضا المآلات المتوقعة، فـ«داعش» ذاك يبقى ظاهرة ظرْفية، عابرة وهشة، رغم عنفه البشع ورغم الضجيج...
إلا أن الأصل هو الانتصار للإنسان، قبل السياسة وقبل التحليلات الفصيحة. هو المعيار، ومنه، وبالصلة به، تولد السياسة. العراق منكوب منذ عقود بسلسلة لا متناهية من الحروب والحصارات والاحتلالات، علاوة على الاستبداد، علاوة على فساد منظم تجاوز كل عقل. وقد زاد «داعش» من منسوب استباحة الإنسان في العراق.
ولكن، ثمة في هذه المأساة الجديدة ما يقتل فوق القتل. فهاك باريس على لسان وزيري خارجيتها وداخليتها تعلن عن استعدادها لاستضافة مسيحيي العراق «على سبيل اللجوء»، وتسرّب في صحفها أن القصد هو الاّ يشعر «مسيحيو الشرق» بالتخلي! مفاهيم عجيبة. فبداية، لا يمكن حل مشكلة المسيحيين بهذه الطريقة، وهذا مجرد نفاق. ولا يفترض ثانياً بفرنسا العلمانية أنها حامية المسيحية. وهي لو أرادت ان تكون حامية لأي شيء، فللعدالة والحرية، أساس الثورة الفرنسية المؤسِّسة للجمهورية، وهي المبادئ التي تخونها كل يوم بمواقفها المؤيدة لإسرائيل، بما في ذلك في عدوانها الجاري على غزة، مثبتة مجدداً وللمرة الألف، أنها استعمارية قبل أي شيء.
وهاك نوري المالكي الذي حاول في 2012 تبديد 4.3 مليار دولار على صفقة أسلحة من روسيا انكشف فسادها فجمِّدت، وعاد مذاك واشترى أسلحة (من المعلوم انها الصفقات الأكثر تناسباً مع الفساد) بلا توقف وبالتدريج ممن أراد البيع له، عرف منها في 2013 خمسون دبابة أميركية بمليار دولار، لم تصل ربما إلى العراق لتمنع الثلاثمئة مقاتل من «داعش» من تعطيل عدة فرق عسكرية متمركزة في نينوى، بلغ عديدها سبعون ألفاً! وهو اليوم يشتري من روسيا بمليار دولار (دفعة أولى) ذخائر وراجمات غراد، ويريد طائرات سوخوي أكثر تقدماً من تلك التي اشتراها منذ أشهر... وفيما هو يقاتل للحفاظ على منصبه، يدعو الشباب «للتطوع في التشكيلات العسكرية لمقاتلة داعش»، وكأن ما ينقص هو المقاتلون. بلا حياء.
            
 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...