الفجوة

بين الواقع القائم وبين وعيه العام فجوة هائلة، هي أخطر ما في الأمر. وكمثال غير حصري ابداً كارثة داعش. يجري التعامل مع هذا التنظيم/الظاهرة كما لو أنه هبط علينا من كوكب بعيد، مثل مخلوقات فضائية جبارة وقاسية. ولكن، سواء أثار الرعب (على الأغلب)، أو الافتتان (وهو قائم، لا يمكن إنكاره وله ألف سبب)، فسياق داعش قابل للفهم، بل للتوقع. وهو اعتمل إلى أن وصل لاقتحام الموصل والتوسع في نينوى وتهديد اربيل
2014-08-27

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

بين الواقع القائم وبين وعيه العام فجوة هائلة، هي أخطر ما في الأمر. وكمثال غير حصري ابداً كارثة داعش. يجري التعامل مع هذا التنظيم/الظاهرة كما لو أنه هبط علينا من كوكب بعيد، مثل مخلوقات فضائية جبارة وقاسية. ولكن، سواء أثار الرعب (على الأغلب)، أو الافتتان (وهو قائم، لا يمكن إنكاره وله ألف سبب)، فسياق داعش قابل للفهم، بل للتوقع. وهو اعتمل إلى أن وصل لاقتحام الموصل والتوسع في نينوى وتهديد اربيل وقبلها السيطرة على الرقة، واحتلال مطار الطبقة العسكري قبل أيام. هذا المرض الذي يُفترض أنه «لا يصيب إلا الآخرين» قد دنا من الجميع.
تُنسى كل المقدمات وتُهمل المعطيات ويعتد بالمحصِّلة، بلحظوية مثيرة للدهشة. وكأن من اجتمعوا مطلع الأسبوع الجاري في الرياض لمعالجة هذا «الإرهاب» أبرياء. بالطبع، هم لم يخترعوا داعش، بمعنى افتعال الظاهرة، ولكنّ كلاً منهم تعامل معها من قبل أن تصبح «نيوـ قاعدة»، توظيفاً لها في أغراض تكتيكية أو صراعية جلية. ثم ـ والأهم ـ أن داعش وأمثاله ولد ونما على أرضية الفساد المريع القائم، والعجز عن أي إنجاز، والتخلي عن المجتمعات وإهمالها واحتقارها، وتسليط أميركا وإسرائيل عليها... وتفاهة القوى «البديلة». وكانت السلطات المهيمنة، السياسية و/أو الدينية، كررت ابتداءً ما يقوله داعش اليوم ويعتقده، واعتبرته الحقيقة المطلقة، وفرضته. وعندما «خانت» قولها استعاده داعش بجد وفعالية!
وأما «أعداء» داعش في المعسكر المذهبي المقابل، فيتعيشون على مقولات مشابهة... والفوارق تفاصيل.
لأنها هزّت البنى السلطوية القائمة وكشفتْ إمكان التغيير، تسببت الثورات التي قامت منذ نيف وثلاث سنوات بتعرية ذلك النسيج المتهتك الذي كان «يسترنا»، السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والثقافي والقيمي، تماماً كما تنهار خرق بالية ما أن تُحرَّك من مكانها وتتعرض للشمس والهواء.
الورطة كبيرة، وجودية، غير قابلة للترقيع ولا للرتق، ولا يمكن مقاربتها بجزئية (كما هو جارٍ)، ولا بالنكايات المتبادلة أو بالابتزاز. ولا يمكن لأي جهة قائمة، وبالأخص منها تلك السلطوية على امتداد المنطقة بأكملها، أن تأمل بالاستفادة منها في أغراض ذاتية. فكل ذلك يؤدي إلى مزيد من الفداحة. ولن تختفي الورطة بالضربات العسكرية، والأدلة على ذلك بيّنة من أفغانستان إلى سوريا. هو أوان الاصطدام بالمهمة الشاملة المؤجلة قد حان، وإن كانت قواه لا تبدو جاهزة. وإنما لعل الإعلان عن الضرورة، وعن طبيعتها يساهم في شيء.
            
 


وسوم: العدد 108

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...