تفنيص + زعبرة (*)

يقول الرئيس اردوغان ان الدولة لا تُدار كمحل بقالة، وهناك أسرار يجب احترامها. فلنغض النظر عن التعالي والنزق في طلعته تلك بوجه من يطالبه بكشف كيفية نجاحه في إطلاق سراح 49 ديبلوماسيا تركيا أوقفتهم «داعش» في الموصل منذ 10 حزيران/يونيو، وعودتهم المفاجِئة الى بلادهم، نساء ورجالاً وأطفالا، سالمين، موفوري الصحة والأناقة، في طائرة بصحبة رئيس الوزراء أحمد داوود اوغلو... فلنغض النظر عن
2014-09-24

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

يقول الرئيس اردوغان ان الدولة لا تُدار كمحل بقالة، وهناك أسرار يجب احترامها. فلنغض النظر عن التعالي والنزق في طلعته تلك بوجه من يطالبه بكشف كيفية نجاحه في إطلاق سراح 49 ديبلوماسيا تركيا أوقفتهم «داعش» في الموصل منذ 10 حزيران/يونيو، وعودتهم المفاجِئة الى بلادهم، نساء ورجالاً وأطفالا، سالمين، موفوري الصحة والأناقة، في طائرة بصحبة رئيس الوزراء أحمد داوود اوغلو... فلنغض النظر عن تصريحات الأخير نفسه من على سلم الطائرة عن «السر» (مجدداً!)، وعن «قوة جهاز الاستخبارات التركي»، الذي «حرر» أسرى كانوا بحسبه موزعين على ثلاثة مواقع (وهي تفاصيل لمزيد من «التفنيص»)، مما يعجز عنه جيمس بوند في أقوى أفلام الخيال العلمي التي طبعت أسطورته. ويؤكد الرجلان: بلا فدية وبلا أي مقابل سياسي أو معنوي. عجيبة إذاً، تخالف كل ما عُرف حتى الآن من سيرة الخطف والاحتجاز والمقايضات.
حسناً، فليُطلب إذاً من الاستخبارات التركية التدخل لإطلاق سراح الجنود اللبنانيين الأسرى لدى داعش والنصرة قبل أن تفتك قصتهم بالبلاد. ولهم بالمقابل من كل اللبنانيين، رسميين وعموم، الإعجاب والتأييد لإمبراطوريتهم النيوعثمانية الناهضة على جنبنا. فليتدخلوا لإنقاذ العراقيين وكذلك السوريين الذين يفرون من قصف الاميركان ودولهم والدولة الإسلامية على حد سواء. ليتدخلوا لتغيير الوجهة التي يأخذها التاريخ هنا، فيسطع نجمهم، ويصبحوا البديل المنتظَر في مقابل الفراغ القائم.
«القصة» ينطبق عليها (ولو بابتذال) تعريف «story telling» وتقنياته المستخدمة بقوة في صناعة المشهدية السياسية الأميركية خصوصاً (كيس «الأسلحة الفتاكة» الذي لوح به كولن باول في الأمم المتحدة، وبوش الابن يعلن من على ظهر السفينة «أبراهام لينكولن» أن «المهمة أنجزت»، وعشرات القصص الأخرى التي تستدعي هوليوود.. غير البعيدة هي الأخرى عن أجهزة الاستخبارات).
«بعض الظن إثم» بالطبع. لكن «القصة» توقظ شبهات التواطؤ التي تطال تركيا وسواها، إلا إذا ارتضينا أن نعامَل كمغفَّلين. وبينما صواريخ وطائرات «التحالف الدولي» ستدمر ما تبقى من مدن وقرى العراق وسوريا بحجة تدمير داعش، سنكون مغفلين حقاً لو لم نَدعُ السلطات التركية لقيادة ذلك التحالف الدولي كما ترى. ونَعِدُ بكتم أسئلتنا وفضولنا، وسنتذكر أننا لسنا في محل بقالة.

* مفردتان من اللهجة العامية لأهل الشام (!) تعني تقريبا التباهي الفارغ والاحتيال.
            
 


وسوم: العدد 112

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...