«... عن سجن اسمه العراق»

خطوة السيد مقتدى الصدر هي نقيض «اعتزال السياسة»، كما يتردد في قراءة حرْفية، شكلية وبلهاء، لما أَعلن. وحده هو من كان يمكنه هز الوضع العراقي بهذه الصورة، لأنه وريث الشهيدَين الصدرَين (وهما ما هما في تاريخ التشيع والعراق الحديث برمته)، وزعيم الحركة الهائلة، المكونة من الفقراء والشباب من الشيعة العراقيين، الأغلبية الساحقة من الناس، والمقاوم الشرس للاحتلال الأميركي، والسيد الذي صلى
2014-02-19

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

خطوة السيد مقتدى الصدر هي نقيض «اعتزال السياسة»، كما يتردد في قراءة حرْفية، شكلية وبلهاء، لما أَعلن. وحده هو من كان يمكنه هز الوضع العراقي بهذه الصورة، لأنه وريث الشهيدَين الصدرَين (وهما ما هما في تاريخ التشيع والعراق الحديث برمته)، وزعيم الحركة الهائلة، المكونة من الفقراء والشباب من الشيعة العراقيين، الأغلبية الساحقة من الناس، والمقاوم الشرس للاحتلال الأميركي، والسيد الذي صلى مرارا في مساجد السنّة، وخصوصا في الأزمات المذهبية الكبرى، والرجل الذي استقبل أهالي الفلوجة المنتهَكة عام 2004، ونظّم قوافل الدعم للأنبار في اللحظات الصعبة، والعروبي الذي لا يكلّ. لذا فَوَقْعُ ما قرره السيد مقتدى هائلٌ، وهو تجاوَز عملياً الإدانة التي أفتى بها السيد السيستاني ضد إقرار امتيازات التقاعد للمسؤولين بأغلبية ساحقة في مجلس النواب العراقي مطلع الشهر الجاري. والقانون نموذج رقيع من «الزعرنة» والنهب معا. وكدليل، فميزانية الحكومة للعام الجاري 150 مليار دولار، ورغم ذلك وَجدت طريقة لتكوين عجز بـ18 مليارا!
للسيد كتلة برلمانية ضخمة تضم 40 نائبا، وله ستة وزراء في الحكومة، وهو بالتأكيد يعيد خلط كل الأوراق السياسية قبل شهرين من الانتخابات النيابية. وكل ذلك مهم بالطبع، ولكنه ثانوي. وإذ يقال في وصف خطوته بأنها «مربِكة»، فالتعبير دال بذاته على قراءة الحدث وفق حسابات البقالة وتكتيكات الحرتقات، المألوفَين والسائدَين كممارسة سياسية. فالسيد، في قراره الأخير إذ حَلّ ارتباطه بالنواب والوزراء المنتمين إلى تياره وتبرأ منهم سياسيا وشرعياً، لم يكن يعبر عن خيبته منهم فحسب لإفساد السلطة لهم، بل أعاد الاعتبار إلى ضرورة وجود مقاييس قيمية في الحقل العام، وأعلن في الوقت نفسه فشل «العملية السياسية» التي التحق بها مرغما، مبررا ذلك وقتها بأنه أخف الضررَين. وفي توضيحات لاحقة، تكلم مقتدى الصدر عن التلازم الشرْطي بين الاستبداد والنهب، وعن «التسلط باسم التشيع»، وعن المتخمين والفقراء، وعن تلفيق تهمة الإرهاب لأي معارض، سواء كان شيعيا أم سنيا أم كرديا، وعن «سجن وقتل المقاومين الذين تصدوا للمحتلين»، في إشارة بالغة القوة إلى ما يجري في الأنبار، وكتضامن مع أهله هناك... مما له كله معنى وصدى في مجمل المنطقة، وليس في العراق فحسب.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...