أين رزان زيتونة؟

قد لا يصلح الاعتداد بحُرمة النساء، منذ قَرّرن الحضور في الحيز العام، مطالِبات بحقهن بالمساواة. وإنْ كان مصير من لم يفعل منهن ليس بأفضل، إذ يُنتهكن على كل المستويات في الحروب والاضطرابات... كما يمتهنَّ بكل الأشكال في الأحوال العادية. يُصبحن ضحايا. رزان زيتونة قررت أن تكون فاعلاً. وكانت تعرف تماماً خطورة ما تفعل، فعاشت متخفية متنقلة، الى أن وقعت في قبضة من لا تروق لهم: لا هي، ولا
2013-12-18

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

قد لا يصلح الاعتداد بحُرمة النساء، منذ قَرّرن الحضور في الحيز العام، مطالِبات بحقهن بالمساواة. وإنْ كان مصير من لم يفعل منهن ليس بأفضل، إذ يُنتهكن على كل المستويات في الحروب والاضطرابات... كما يمتهنَّ بكل الأشكال في الأحوال العادية. يُصبحن ضحايا.
رزان زيتونة قررت أن تكون فاعلاً. وكانت تعرف تماماً خطورة ما تفعل، فعاشت متخفية متنقلة، الى أن وقعت في قبضة من لا تروق لهم: لا هي، ولا نشاطها. ولكنها متطابقة مع نفسها، فكيف لها أن تنشد الفعالية لولا قرارها ذاك بالبقاء، رغم وطأة اللحظات الرهيبة، متقاسمة شروط العيش مع سائر السوريين. وهي اختارت تسجيل الانتهاكات الجارية وإعلانها، علّ ذلك يردع مرتكبيها بعض الشيء. عله، بعض الشيء، يرد الاعتبار لضحاياها.
سيكون التاريخ مديناً لرزان ورفاقها.ولكن هل حقاً اختطفت رزان بسبب الخوف من مرصدها، أو للتعمية على الانتهاكات؟ هل من يقصف بكل الوسائل، ومن يذبح بكل السكاكين، يهمه؟ ألا يرتكب كل تلك الوحشية ترهيباً أصلا، فلا يُخفي، بل تكاد العلنية تكون أحد أهدافه. التقاتل السوري، كما هو جارٍ اليوم، طمس بعداً أصلياً كان هو المبتدأ والقصد، ولم يعد هناك من مجال لمن هم على شاكلة رزان، يحملون افكاراً ومبادئ عن الحقوق والحريات والتقدم، ويحلمون برؤيتها تتحقق، ويعملون بكل جدية من أجل ذلك. صار الأمر هو: معي أو ضدي.على الإطلاق، ومن الجهتين الرافضتين لأي تلاوين أو استدراكات.
تماماً كما هي حال مناحرات القبائل. لم يكن ممكناً للجماعات المتدثرة برداء الإسلام أن تقبل بامرأة (وعلى ذلك شابة وحلوة) عنيدة، متباهية بموضوعيتها، وبأنها تطبق ما تقول بلا محاباة. ولا يناسب السلطة كذلك أن تعيش رزان وزوجها ورفاقهما في دوما بشكل شبه علني، مستمرين في نشاطاتهم، بما يوحي أنهم وجدوا الأمان في ظل «الأعداء»، الذين تقوم صورتهم على التوحش المطلق.
أبشع ما في القصة أن يكون الطرفان قد اتفقا على رزان ورفاقها كما يشاع، وجرت بينهما تجارة، سموها مقايضة او مساومة، لا فرق. ولو أن ذلك يبدو عقلانياً تماماً. فكلاهما يكره المعنى الذي تمثله الشابة. بقي، علاوة على الاستنكار، الدعاء لها ولصحبها ولسائر أقرانها... وللشعب السوري المستباح كله.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...