الحرب الأهلية

تعريفها شاق، فما إن تبدأ النصوص العالِمة والقواميس الجادة بالمهمة حتى تخترق الاستدراكات الجملة الأولى، تليها استثناءات وتحفظات متناقضة أحياناً، فيضيع المعنى. مفارقات: التعبير شديد الرواج، فكيف يستقيم هذا الاستخدام المفرط له مع ارتباك تعريفه. كما أن الممارسة واسعة وقديمة، يدينها الجميع بصفتها تلك وينفون ارتكابها، ويتهمون الجهة المقابلة بها، بينما يُجمِّلون ممارستهم بتسميتها بشكل
2014-01-22

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

تعريفها شاق، فما إن تبدأ النصوص العالِمة والقواميس الجادة بالمهمة حتى تخترق الاستدراكات الجملة الأولى، تليها استثناءات وتحفظات متناقضة أحياناً، فيضيع المعنى. مفارقات: التعبير شديد الرواج، فكيف يستقيم هذا الاستخدام المفرط له مع ارتباك تعريفه. كما أن الممارسة واسعة وقديمة، يدينها الجميع بصفتها تلك وينفون ارتكابها، ويتهمون الجهة المقابلة بها، بينما يُجمِّلون ممارستهم بتسميتها بشكل مختلف.
في أبرز الموسوعات الأجنبية، تأتي «الفتنة الكبرى»، ومعارك الجمل وصفين، على رأس الأمثلة التاريخية للحروب الأهلية. يا للبُشْر! كما يفرض نفسه سريعاً البحث في تعريف الإرهاب، إذ يختفي معنى تصارع كتل بشرية أو أجزاء من مجتمعات منقسمة، يبهت، تاركاً المكان لـ«حروب ضد المدنيين، وهم هدف النزاع». هل ذاك تعريف الحرب الأهلية أم الإرهاب؟ لا يهم، لم يعد مهماً، فيما تنفجر كل يوم عشر سيارات مفخخة في بغداد، وتتنوع وسائل قتل المدنيين، «الأبرياء» (أيعني التاكيد أن هناك سواهم «مستحقون»؟) في لبنان وسوريا ومصر واليمن... قانون الحرب الأهلية والإرهاب ــ معاً ـــ  هو افتراض التطابق بين الخصم و«بيئته» فتُقاصص هذه، يُنتقم منها/منه، أو يؤمل أن تُدفَع الى التمرد عليه بسبب أكلاف قرابتهما. والمدهش أنه يظهر تكراراً عبثية ذلك كله، عدم نفعه في تحقيق الأهداف المفترضة له، عدم اشتغاله، من دون أن توقف هذه الحصيلة الصفْرية «التبادل المستحيل للموت»، بحسب الفيلسوف جان بودريار.
هناك دوماً أسباب يمكن الدفع بها، ومجال للمحاجات والتبريرات. أو للي أعناقها. كل ذلك لا يساوي شروى نقير أمام أشلاء الأطفال، أمام خسارة شبان وشابات لحياتهم. يا لهول هذا التعداد: بل أمام موت أي إنسان. ومن المؤكد أن الوحشية المنفلتة هي ما سيبقى في كتب التاريخ، وليس أي كلام قاله هذا أو ذاك بزهو وقناعة (كاذبَين).
ليس صحيحاً أن المنتصر (المتغلِّب؟) يكتب التاريخ. ليس هكذا. فالجملة حُوِّرت لتبرير الوصول إلى النصر/الغلبة/السلطة بأي ثمن. «اختفى الواقع» وحلّ مكانه الاستعراض والإغواء في عالم مهيمن، مصنوع أو افتراضي، كما قال فيلسوف آخر شهير.
سوى أن الدماء والدمار حقيقيان، وإن بدوَا غير مُهمين أمام عدسات التلفزة المهرولة وراء لايف/ صورة الأحداث المثيرة، وما تضج به بشكل مجنون شبكات «التواصل الاجتماعي» كأدوات للترويج للحرب الأهلية/الإرهاب. وهذان الأخيران واحد.


وسوم: العدد 77

للكاتب نفسه

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...