ما خفي أعظم!

أخيراً، وقّع اتفاق نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت. للمشروع القديم الذي أبصر النور ـــ على الأقل رسمياً وعبر الحبر والورق ـــ تسميات أخرى منها «قناة البحرين» بحسب الأردنيين، و«قناة السلام» كما كانت في العرْف الدولي ثم الإسرائيلي. والفكرة بدأت في القرن التاسع عشر لشق مجرى مائي من المتوسط إلى البحر الأحمر مروراً بالبحر الميت، كبديل عما نُفذ فعلا لأنه
2013-12-11

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

أخيراً، وقّع اتفاق نقل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت. للمشروع القديم الذي أبصر النور ـــ على الأقل رسمياً وعبر الحبر والورق ـــ تسميات أخرى منها «قناة البحرين» بحسب الأردنيين، و«قناة السلام» كما كانت في العرْف الدولي ثم الإسرائيلي.
والفكرة بدأت في القرن التاسع عشر لشق مجرى مائي من المتوسط إلى البحر الأحمر مروراً بالبحر الميت، كبديل عما نُفذ فعلا لأنه الأبسط، أي قناة السويس، وعاد هرتزل فتناول الأمر في بعض كتاباته، ثم أعيد إحياء المشروع مع اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل. إلا أن عشر سنوات مضت بلا تجسيد له، حتى كان الاتفاق الموقع في واشنطن يوم الاثنين 9 الجاري، بمعية البنك الدولي، الحاكمية سوبر المعولمة.
دعْكم من السلطات الأردنية التي تعلن (في عصر الانترنيت حيث لا شيء يُخفى) أن المشروع أردني خالص وسيشاد على الأراضي الأردنية فحسب، بحيث لا يعود مفهوماً حضور الوزير الإسرائيلي سيلفان شالوم وتوقيعه على المشروع. ودعكم كذلك من «نظيرهما» الفلسطيني شداد العتيلي الذي يستحسن إقناعه بالتخفيف من فرحه وتصريحاته الإيجابية بخصوص البرهان على «إمكان العيش والعمل معاً» (يقصد مع الإسرائيليين) «رغم الخلافات السياسية» (الحقيرة ربما؟)، بينما فرض الإسرائيليون أن يبيعوا هم بسعر الكلفة الـ30 مليون متر مكعب من المياه إلى السلطة (أي حصتها) حتى لا يقع التباس لجهة ملكية الأرض على البحر الميت (الإسرائيلية طبعاً!).
بل سيتم البيع من مياه بحيرة طبريا، يعني من موضع آخر إمعاناً في تأكيد النفي، وربما تكون «مياهاً رمادية» تحتاج للتكرير.كل ذلك مفهوم: 180 كيلومتراً وكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار. ليس فحسب لإنقاذ البحر الميت، وليس فحسب لتحلية المياه (بواسطة التقنيات الإسرائيلية المتقدمة)، وليس فحسب لإنتاج الكهرباء بما يحوِّل الأردن إلى اكبر مصدِّر لها، يبيع الإمارات والسعودية... بل هناك مفاوضات سبقت هذا التوقيع الهانئ، جرت مع السلطات الفرنسية التي لا تتغير، «الدولة العميقة»، وفي رفقتها شركة «أريفا» الفرنسية المتخصصة بإنتاج الطاقة النووية، لإنشاء (أربع؟) معامل في الأردن، تحديداً في منطقة العقبة التي ستشاد فيها المضخات الهائلة لسحب المياه عبر تلك القناة. والمفاعلات تحتاج مياهاً لتبريدها... للمتابعة.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...