اصطفلوا!

بعضنا لا يرغب بالانتباه الى معنى ما قالته الإدارة الأميركية بكل اللغات: «اهتمامنا لا يمكن أن يتركز على ناحية واحدة من العالم». وهي الصيغة المهذبة الأخيرة التي جاءت لتؤكد تصريحات وإجراءات عديدة، فصّلت من جهة تعريف المصالح الإستراتيجية الاميركية الراهنة، وأوضحت من جهة أخرى حدود قدرات واشنطن، غير الكلّية. فهذه من صفات الجلالة. هو منجز أوباما أو بصمته. وفي ما يخص منطقتنا، فقد كان
2013-10-30

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

بعضنا لا يرغب بالانتباه الى معنى ما قالته الإدارة الأميركية بكل اللغات: «اهتمامنا لا يمكن أن يتركز على ناحية واحدة من العالم». وهي الصيغة المهذبة الأخيرة التي جاءت لتؤكد تصريحات وإجراءات عديدة، فصّلت من جهة تعريف المصالح الإستراتيجية الاميركية الراهنة، وأوضحت من جهة أخرى حدود قدرات واشنطن، غير الكلّية. فهذه من صفات الجلالة. هو منجز أوباما أو بصمته. وفي ما يخص منطقتنا، فقد كان ذاك التصريح إيذاناً بانتهاء حقبة الجنون التي قادها المحافظون الجدد الذين ظنوا أن بإمكانهم إعادة تشكيل الكون، بعلامة انهيار المعسكر الاشتراكي! لم يبدأ هذا النزوع مع البوشيْن، وهما لم يخترعاه، ولكنهما جسداه بفجاجة، وإن بتفاوت. وعلى ذلك، يصعب تصور العودة اليه في المستقبل القريب، إلا كانتحار.
وأما القيادة في الرياض، فتزعل وتحرد من «تركها في منتصف الطريق» لتتدبر أمرها لو شاءت، أو لتعقل وتعدِّل في اتجاهاتها، وهو أفضل. وهي أملت توجيه ضربة عسكرية أميركية لسوريا، مع العلم أنها لكانت ستكون مجانية، أو حتى ذات مفعول عكسي، أو حتى تسرِّع تطورات قد تمسها هي نفسها. وهي مستمرة في حربها المزعومة ضد النفوذ الإيراني في العراق (ويقال أحيانا «ضد الشيعة»)، حتى لو كان جلياً أن العمليات الانتحارية التي تنفذها مجموعات تحت تسمية «القاعدة» ضد حسينيات ومدارس وأسواق عامة لا تردع النفوذ الإيراني ولا غلواء التشيع... بل على العكس. ويؤدي التجاذب - أو التلاعب - الإقليمي بالمعارضات السورية، وتذررها المريع، وافتقادها الرؤية الخ... الى تبنيها سلوكيات تفتقد السياسة، من قبيل قرار مقاطعة مؤتمر جنيف، والحرد من الغربيين لخيانتهم لها. صحيح أنهم باعوها في الماضي أوهاماً، ولكن تصديقها بلا تمحيص سذاجة في أحسن الأحوال أو دليل على انعدام المسؤولية. وهكذا هي الحال في كل ركن من المنطقة على اختلاف أوضاعها.
لا منقذ يختصر بقوته أو بعصاه السحرية سياقاً لا بد من بنائه واتباعه، بعد تعيينه واختياره. بعقلانية، أي بحساب المصالح والإمكانات معاً. وأما التخبط الحالي للسلطات كما للقوى الفاعلة ميدانياً على حد سواء، في كل المنطقة بلا أي استثناء، فمسخرة وعلامة أكيدة على الفوات، وعلى خطر الاندثار.
            
 


وسوم: العدد 67

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...