حين اجتاح الأميركان بغداد، في 9 نيسان/إبريل من العام 2003، بعدما دحرجوا كرة نارهم في طول البلاد وعرضها، كانوا يعلمون تماماً أنهم ليسوا بصدد إرساء نظام نموذجي يصالحهم مع منطقة تكرههم لأنها لم ترَ منهم إلا الأهوال (ومنها نصرة إسرائيل بلا حدود)، ولا الديموقراطية، ولا تعطيل أسلحة دمار شامل. ولم يكن هدف السيطرة على النفط يتطلب مثل هذه الحرب المدمرة. كانوا يريدون إرساء سطوتهم الكاملة. وأما سائر الأهداف فتنسلّ من هذه، لتصبح تحصيل حاصل: النفط والنفوذ والتحكم والتجارة. وكان التصور يتجاوز العراق، على أهميته، إلى مجمل المنطقة... على الأقل. فالعراق يتوسط الامبرطوريتين الايرانية والتركية وشبه جزيرة العرب وبلاد الشام...ومذاك والعراق مصاب بالطاعون. وبغداد، التي أفناها تماماً مرّة جنكيزخان، لم تعد أمها «دجلة الخير» بحسب الجواهري. فكم من مرة طفت الجثث على سطح ماء النهر العظيم، ذاك الذي صبغه المغول بالحبر من فرط ما رموا فيه من الكتب والمخطوطات.وحين ترك الأميركان البلد (هل حقاً تركوه؟) كان مدمراً فوق ما دمرته حروب الديكتاتور ومغامراته وطغيانه، وفوق ما دمرته حربان عالميتان شُنتا عليه في 1991 وفي 2003، وبينهما الحصار المشهود. اختبروا فيه كل ما خطر ببالهم، ليس فحسب أسلحة دمار شامل حقيقية، بل كذلك صيغ الدمار الشامل في السياسة والاقتصاد والاجتماع: حلّ كل مؤسسات الدولة ثم تركها ريحا صفصفاً، وملء ما لا بد منه لإدارة هذا الكابوس بالمحاسيب والمتزلفين الفاسدين، إرساء نظام «ديموقراطية المكونات» أي المحاصصة الطائفية والعرقية والجهوية، الصراعية والمأزومة تعريفا. إيكال الأمر للميليشيات، شيعية هنا و«صحوة» هناك وبيشمركة أخيراً. عجِز الأميركان بقضّهم وقضيضهم عن إصلاح شبكة الكهرباء! أو لم يكترثوا. وأسموا كل هذا الخراب والتخريب «العملية السياسية»!وفي خط مستقيم مستولَد من هذا النسق، يستعد العراق «الديموقراطي» اليوم لانتخابات عامة تفوح منها رائحة العجز والخواء، إذ لا تدور فيها إلا تراكيب ــ لا تقدّم ولا تؤخّر ــ لتحالفات بين القوى التي تسمي نفسها «سياسية». فما ينتظره العراقيون هو الإجابة عن سؤال كيفية تجاوز كل ذلك، وتحقيق المطابقة بين إمكانات العراق (الهائلة)، وواقعه (البائس)... فـ«يا دجلة الخير، حييتُ سفحَك ظمآناً ألوذ به»...
إفتتاحية
البرابرة في بغداد
حين اجتاح الأميركان بغداد، في 9 نيسان/إبريل من العام 2003، بعدما دحرجوا كرة نارهم في طول البلاد وعرضها، كانوا يعلمون تماماً أنهم ليسوا بصدد إرساء نظام نموذجي يصالحهم مع منطقة تكرههم لأنها لم ترَ منهم إلا الأهوال (ومنها نصرة إسرائيل بلا حدود)، ولا الديموقراطية، ولا تعطيل أسلحة دمار شامل. ولم يكن هدف السيطرة على النفط يتطلب مثل هذه الحرب المدمرة. كانوا يريدون إرساء سطوتهم الكاملة. وأما سائر الأهداف
للكاتب نفسه
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
نهلة الشهال 2024-11-29
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.
كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"
نهلة الشهال 2024-08-29
تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...