مجد كيال، الباحث والصحافي الفلسطيني الشاب الذي أوقفته إسرائيل لأنه زار بيروت، يجسد بشخصه بداية، ثم بالحادث المحيط به اليوم، مجمل الموقف الإشكالي كما هو قائم: ذاك العائد للفلسطينيين الذين بقوا في «أراضي 1948» ويحملون جنسية المستعمِر، ويتعلمون لغته ويلقَّنون ثقافته وتُطبق عليهم قوانينه، والآخر الذي يخترق إسرائيل نفسها ولا تمتلك أجوبة عليه... ولا حلولا. هم ــ الإسرائيليون ــ يسمونهم «عرباً»، في اعتراف صريح بأنهم «آخر»، مختلف. فما هي خصائصهم، وما هي حقوقهم المغايرة بالضرورة؟ ودّوا لو طردوهم جميعاً في النكبة، وهذا وهمٌ أول يتعلق بتحقيق التجانس والنقاء، مما لا وجود له في أي مكان من العالم. وبكل الأحوال، فلم يحصل هنا، بل اجتاح الإسرائيليون بقية فلسطين في 1967، وبنوا ويبنون مستوطنات فيها، ويضمون القدس.
لا أحد يدري كيف يمكن أن يتطابق الواقع كما هو قائم، بملايين الفلسطينيين الموجودين فيه بالفعل، مع الرواية الإسرائيلية/الصهيونية. تكتشف إسرائيل كل يوم أنها لم تتمكن من ابتلاع فلسطينيي 48، فكيف لها ابتلاع أبناء القدس والضفة وغزة، هذا على فرض تجاهل ملايين اللاجئين خارج فلسطين. حسناً، إلى المحْق المعنوي والنفسي والفكري والثقافي، ما دام الإلغاء الجسدي غير ممكن حتى لو أُنشِئت معسكرات إبادة، بدلالة التاريخ الذي اعتبر المحاولات من القبيل جنوناً وفاشية.
يستمر الفلسطينيون في اعتبار الأرض أرضهم، سُلبت منهم بالقوة. فتجن إسرائيل إذ لا تلحظ «تطوراً» على هذا الصعيد بعد 66 عاماُ من الواقعة الرسمية، بل على العكس. وهي تقف أمام مفارقة جلية، فازدياد قوتها لا يبدو وسيلة فعالة لتحقيق سطوتها أو لترسيخ شرعيتها. تطالب الفلسطينيين بالتخلي عن أنفسهم وبتبني ما تقول وتفعل، ولكنها وفي الوقت نفسه تنبذهم طالما هي تطالبهم بالاعتراف بيهوديتها. وتجن أكثر كلما بان التناقض ومعه الاستحالة، فتتوسل الإخضاع العاري. سبق لاستعمار استيطاني آخر أن تكلم عن «الجزائر الفرنسية». ولَمْ! والادعاء الفرنسي آنذاك يبدو اليوم هراء عنصرياً محضاً، وموقفاً مداناً ومذموماً.
مجد وقصته يلخِّصان كل هذا، ويحتلان نقطة القلب من تقاطعاته كلها. مجد المتطابق مع نفسه تمرّد على شرطه كمستعمَر. وهو قد يعتقل عقاباً وتنكيلاً. ولكن ذلك لا يغير الحقائق، ولا يحيل المشروع الأخرق ممكناً.. ببساطة!
إفتتاحية
المستعمَر المتمرد: مجد
مجد كيال، الباحث والصحافي الفلسطيني الشاب الذي أوقفته إسرائيل لأنه زار بيروت، يجسد بشخصه بداية، ثم بالحادث المحيط به اليوم، مجمل الموقف الإشكالي كما هو قائم: ذاك العائد للفلسطينيين الذين بقوا في «أراضي 1948» ويحملون جنسية المستعمِر، ويتعلمون لغته ويلقَّنون ثقافته وتُطبق عليهم قوانينه، والآخر الذي يخترق إسرائيل نفسها ولا تمتلك أجوبة عليه... ولا حلولا. هم ــ الإسرائيليون ــ
للكاتب نفسه
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.
كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"
نهلة الشهال 2024-08-29
تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...
الكذب بوقاحة مضاعَفة إذ تَدّعي البراءة
نهلة الشهال 2024-08-08
يتصرف هؤلاء كما لو أن اختيار "السنوار" جاء من عدم، بل وكدليل على جنوح الحركة إلى التشدد، وإلى المنحى العسكري والقتالي، مع أن "حماس" نفسها قالت إنه ردّها على اغتيال...