500 جنيه!

ثروة صغيرة لأكثر من نصف المصريين. مبلغ شديد إلا على قلة قليلة. معاش شهر لطبيب مبتدئ مثلا، أكثر بقليل من الحد الأدنى للأجور في القطاع العام... لو قالت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة في مصر إنها ستفرض غرامة خمسين جنيها مثلا على المتخلف عن الانتخابات، لربما خاف هؤلاء واتى التهديد أكله. ولكن المبلغ المعلن غير واقعي، كما أن تهديد الناس بالإحالة للنيابة وبالحبس غير معقول، فحتى كل
2014-05-28

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

ثروة صغيرة لأكثر من نصف المصريين. مبلغ شديد إلا على قلة قليلة. معاش شهر لطبيب مبتدئ مثلا، أكثر بقليل من الحد الأدنى للأجور في القطاع العام... لو قالت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة في مصر إنها ستفرض غرامة خمسين جنيها مثلا على المتخلف عن الانتخابات، لربما خاف هؤلاء واتى التهديد أكله.
ولكن المبلغ المعلن غير واقعي، كما أن تهديد الناس بالإحالة للنيابة وبالحبس غير معقول، فحتى كل «استادات» البلد لو حُوِّلت إلى معتقلات لن تكفي لاحتواء من يحق لهم التصويت ولم يفعلوا. أُعطي الثلاثاء عطلة ولم ينفع، وحُوِّل النقل العام مجانيا ولم ينفع، وقيل للناخبين في اليوم الثاني إن البطاقة الوطنية تكفي ولا حاجة للتسجيل المسبق فلم ينفع، وأرسلت رسائل نصية على الهواتف المحمولة تذكر بالغرامة ولم ينفع، وقيل ربما هو الحر الشديد أقعد الناس، وقيل ربما هو موسم الحصاد شغلهم، فمُدِّد ليوم ثالث، وكأن عجيبة ستقع.
اعتكاف المصريين الكثيف عن التصويت، مفاجأة بالنظر الى الدعاية الطاغية خلال السنة الفائتة والتي صورت المشير كمعبود الجماهير. الإحجام سيحرم السيسي من «البيعة» التي حلم بها، وهي بيت القصيد. فالممارسة القائمة، من ألفها إلى يائها، لا خص لها بالديموقراطية التي لا تُختصر بمجرد ورقة تُرمى في صندوق.
سينال بالطبع نسبة ساحقة... ممن صوتوا. والاعتكاف ذاك قد لا يكون قراراً سياسياً مفتكَراً، «مقاطعة» على ما يقول المثقفون. بل لعله أوضح تطبيق للمثال الشائع بأن «ما زاد عن حده انقلب إلى ضده». غالى الإعلام في التزلف للسيسي، وفي تصويره كمخلّص لا تنتظر مصر سواه. وراقت اللعبة للرجل، فراح يخرج على الناس في طلات تلفزيونية متعاقبة تسببت بشحذ خيال الشباب المصري بأشكال من السخرية المبدعة، كممارسة سياسية في الصميم. وهو اكتفى ببعض العواطف المدّاحة الموجهة إلى بلده العظيم بملايينه التي أضناها الفقر وهزتها الخيبات ونخرها الخوف من الغد. لا برنامج ولا من يحزنون، بينما تواجه البلاد أهوال عقود متعاقبة من التخريب والنهب.
جرب الاستثمار في الحرب على الإرهاب، في الإخافة من الفوضى... وحين نطق قال: تقشفوا! اليوم أعلن المصريون انفكاكهم. المعركة مستمرة!
            
 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...