وصلْنا إلى المفرق الآن

لن يمكن لسلطة طرابلس الغرب ضبط واحتواء ميليشيات برقة أو راس لانوف أو سواهما، بفضل أو بواسطة انحياز ميليشيات مصراتة إليها! ويصح ذلك على كل سيطرة، سواء خصت بيع النفط أم الممارسات الاعتباطية والعنفية التي تقع من كل الجهات على الناس والبلاد. ولن يمكن للمالكي ضبط واحتواء العراق، ناهيك عن حكمه، باللعب باستمرار بعملية تنظيم الصراعات بين أنحائه وطوائفه وأعراقه، تأجيجاً أو إدارة... ولا بتعميم
2014-03-12

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لن يمكن لسلطة طرابلس الغرب ضبط واحتواء ميليشيات برقة أو راس لانوف أو سواهما، بفضل أو بواسطة انحياز ميليشيات مصراتة إليها! ويصح ذلك على كل سيطرة، سواء خصت بيع النفط أم الممارسات الاعتباطية والعنفية التي تقع من كل الجهات على الناس والبلاد. ولن يمكن للمالكي ضبط واحتواء العراق، ناهيك عن حكمه، باللعب باستمرار بعملية تنظيم الصراعات بين أنحائه وطوائفه وأعراقه، تأجيجاً أو إدارة... ولا بتعميم الفساد.
ولن يمكن للنظام السوري أن يُرسي نصرا عسكريا مستقراً تتأسس عليه استعادة لزمام الأمور، مهما انتشى بـ«منجزات» ميدانية يحققها، بينما هي تكبد سوريا ثمنا مهولا تماماً. وستستمر داعش والنصرة وسواهما بالتناحر فوق صدور السوريين إلى ما شاء الله. وهم على أية حال ــــ متقاتلين أو متفقين ــــ يمثلون خياراً بائساً لا يمكنه أن يجسد مستقبل البلد، عدا عن تدميره لحاضرها. ولن يمكن للسلطة الهجينة القائمة اليوم في مصر تسيير البلد (هائل القدرات والحاجات) بالخزعبلات، ولا بالمعونات أو بالمعارك المفتعلة. ومن البائس ألاّ يكون أمام الجزائر، بإمكاناتها الكبيرة وبما تمثله في الوجدان، من خيار سوى التجديد لولاية رابعة لرجل اجتاحه العمر والمرض، أو أن تتقسم اليمن إلى دويلات وأن تسود في بعضها أو في جلها سلطات كان يفترض أن العث أكلها...
هذا معناه مزيد من الدماء ومن الدمار، وأيضاً وبما يوازيهما شدة، خطر التفكك، مما قد يفاجئنا التاريخ بأنه لا «يُستلحق»، وأنه ليس سوى تأبيد لأشكال متنوعة من الاحتراب الماحق، العبثي.
وهذا ماثل بل داهم اليوم. وصلْنا بعد ثلاث سنوات مكتملة إلى مفترق الطرق. فبانزياح أو تخلخل السلطات التي أمسكت برقابنا لعقود، تمزج الإفقار بالتنكيل بالإذلال بالتيئيس، وتُعْلي الغَلَبة كشرعية وحيدة، ظهر مقدار الخراب المخزون، وبان معه أن الترقيع لا يمكنه رتق الرداء. وأنه لا يمكن استخدام الأدوات السلطوية السالفة ذاتها، الموبوءة، أو ما هو من طينتها ويشبهها، في صنع المستقبل، وأننا أمام مهمة تأسيسية، فكرية وقيمية بمقدار ما هي سياسية.
وأنه لا مجال للاقتصاد بالمهمات، وأن منطق المفاضلات بين السيئ والأسوأ مسدود الأفق. الوعي بذلك هو أول المخارج. فهل يمكننا؟
            
 

للكاتب/ة

حوار مع نهلة الشهال: بوصلتنا الاستمرارية في «البحث وسط الخراب عما ليس خرابًا»

في الحوار مع «الفيصل» تكشف الشهال عن مسار طويل من الالتزام الفكري والسياسي، يمتد من تجربة اليسار الجديد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى تأسيس منصة «السفير العربي» التي صارت...

صون شعاع الأمل المتجدِّد

هذا صراع عنيف وشرس، لم يتوقف يوماً، منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. ينتصر الخير أحياناً، وينتكس في أحايين أخرى، وينهزم مرات. وحين ينتصر، يُصاب البشر بالنشوة، وحين ينهزم يهبطون إلى...

العبودية الجديدة

لم تولد بشكل مفاجئ هذه الحال، التي تعيشها البشرية اليوم في كافة الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والفكرية. لم تولد مع الحرب الإبادية على غزة، الدائرة منذ عامين بوحشية نادرة....