رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي رحلت منذ أيام، تعنينا من كل وجوهها بالطبع، وبالأخص من أحدها غير المعروف بما فيه الكفاية، بخلاف الآخرين: مقدار صداقتها مع إسرائيل ومبلغ إعجابها بالصهيونية التي كانت ترى فيها «حيوية المبادرة». وهي كانت أول رئيس وزراء بريطاني يزور اسرائيل (بصفتها تلك، وهي في السلطة) عام 1986، على الرغم من معارضة الخارجية البريطانية لتلك الزيارة. وفي إشادته بها بعد وفاتها، قال شمعون بيريز إنها صاحبة «رؤيا»، وهو بنظره ما يحدث حين «يلتقي الشخص والفكرة». هذا رغم انها كانت العدو اللدود للنقابات مثلا، التي اتكأ عليها بيريز وحزبه السابق للوجود والصعود. وهي من جهتها لم تخطئ في تعيين من ينفع اسرائيل أكثر، ففضلت على الدوام حزب العمل الإسرائيلي... «حين يتعلق الأمر بالسياسة».
بالطبع هذا ليس أهم ما في تاتشر. ولا الانتماء الى جنس النساء الذي اثبتت أنه ليس أبداً ضمانة ضد القسوة والعنف. ولا أنها عارضت اجتياح لبنان عام 1982، لأنها رأت فيه خرافة، بينما عملت بكل قوتها لتنظيم الحرب على العراق اثر اجتياحه الكويت. بل الأهم هو «التاتشرية»، هذه النيوليبرالية المؤسسة على تفكيك خدمات الدولة، والخصخصة، وتصفية كل ما اتخذ من تدابير لإعادة بناء بريطانيا وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية المدمرة، وأيضا بفضل قرن من النضالات العمالية. نهض الباوند الانكليزي بالتأكيد في زمانها، إلا ان التعليم والصحة العامة انهارا تماماً، وعاش اغلبية البريطانيين في بؤس يليق بروايات شارل ديكنز. وهي شكلت مع رونالد ريغان ثنائياً أرسى ديانة «السوق» الناظمة لكل شيء. كما شهدا انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي زمانها عانى الايرلنديون من قمع وحشي. و«على يدها» مات بوبي ساند في المعتقل، وتحول الى أيقونة، ما يفسر الاحتفال الفرح برحيلها في إيرلندا. وهي قادت حرب المالوين، واستخدمت نصرها فيها لتضرب الحركة العمالية في بلادها، فأغلقت المناجم وكذلك معامل ليفربول. فقد كانت تؤمن بالنسخة الجديدة من الرأسمالية، القائمة على الخدمات والبورصة، ومضاربات رأس المال المالي والعقاري، وليس على الصناعة والزراعة، اي ما يشتغل فيه الناس ويعتاشون منه. ولكن أليست كل تلك الصفات مترابطة؟
إفتتاحية
سبحان الباقي
رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي رحلت منذ أيام، تعنينا من كل وجوهها بالطبع، وبالأخص من أحدها غير المعروف بما فيه الكفاية، بخلاف الآخرين: مقدار صداقتها مع إسرائيل ومبلغ إعجابها بالصهيونية التي كانت ترى فيها «حيوية المبادرة». وهي كانت أول رئيس وزراء بريطاني يزور اسرائيل (بصفتها تلك، وهي في السلطة) عام 1986، على الرغم من معارضة الخارجية البريطانية لتلك الزيارة. وفي إشادته بها
للكاتب نفسه
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.
كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"
نهلة الشهال 2024-08-29
تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...
الكذب بوقاحة مضاعَفة إذ تَدّعي البراءة
نهلة الشهال 2024-08-08
يتصرف هؤلاء كما لو أن اختيار "السنوار" جاء من عدم، بل وكدليل على جنوح الحركة إلى التشدد، وإلى المنحى العسكري والقتالي، مع أن "حماس" نفسها قالت إنه ردّها على اغتيال...