عاش العناد!

لكنّا على أية حال، وإن بحزن، حيينا العناد لو استشهد سامر العيساوي أثناء إضرابه عن الطعام. فمبروك له ولنا أنه بقي على قيد الحياة، وانتزع حقه بالإفراج عنه بلا أي تنازلات، وتحول الى ايقونة عالمية، تأتي مواقف التأييد له والتضامن معه من كل صوب. حدث ذلك ليس فحسب بسبب صموده في إضراب الجوع لمدة تزيد على 250 يوماً، وهو أمر غير مسبوق، وإنما أيضاً لأنه بموقفه ذاك قال المسألة الفلسطينية برمتها:
2013-04-24

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لكنّا على أية حال، وإن بحزن، حيينا العناد لو استشهد سامر العيساوي أثناء إضرابه عن الطعام. فمبروك له ولنا أنه بقي على قيد الحياة، وانتزع حقه بالإفراج عنه بلا أي تنازلات، وتحول الى ايقونة عالمية، تأتي مواقف التأييد له والتضامن معه من كل صوب.
حدث ذلك ليس فحسب بسبب صموده في إضراب الجوع لمدة تزيد على 250 يوماً، وهو أمر غير مسبوق، وإنما أيضاً لأنه بموقفه ذاك قال المسألة الفلسطينية برمتها: هي معركة حول الحق، حول من يمتلك القناعة الأرسخ والأقوى بأنه منتصر، ومن هو مستعد لدفع ثمن عناده على الحق وعلى النصر.
وهذا كلام في السياسة وليس في العواطف. وهو اليوم، بانتظار التبلور المقبل للمسألة الوطنية الفلسطينية افقاً وأدوات، الرد المتوفر على الاضطراب والضياع اللذين صاحبا انهيار اتفاقيات أوسلو. وهذه الاخيرة هي الإطار الذي تجسدت فيه محاولة إيجاد تسوية تاريخية، لم يرض بها الإسرائيليون رغم ظلمها الشديد للطرف المعتدى عليه، ودلوا بذا على عجزهم التكويني عن الإقدام على تسويات، أياً تكن.
هم يحلمون بموات المسألة الفلسطينية، بأن تندثر، وبأن يصبح الموضوع هو كيفية إدارة الحياة اليومية للملايين من غير اليهود الإسرائيليين الذين يعيشون على تلك الأرض، وكيفية التخلص ممن يمكن التخلص منهم، بالقتل والسجن، وبالتطفيش بسبب سوء شروط الحياة، وخصوصاً بالإخضاع. فيصبح الفلسطيني يفكر بكيفية التعايش مع الواقع الإسرائيلي، وربما ـ ولمَ لا ـ بكيفية التأقلم فيه بقدر ما يُتاح له، أو على الأقل بالاستفادة منه في مقابل ارتضاء المرتبة الأخيرة (وليس الثانية، التي يحتلها يهود سود أو يهود شرقيون... الخ). أعاد سامر العيساوي الأمور إلى نصابها.فرض ما يراه هو، واضطرت الآلة الاسرائيلية للخضوع.
حسبها الاسرائيليون، ووجدوا أن ترك العيساوي يموت هو أسوأ السيناريوهات عليهم. ولا شك في أنهم الآن يشتاطون غيظاً، فالمواقف ذات الشحنة الرمزية القوية ثقيلة الوطأة عليهم بشكل خاص، هم أبناء ذلك الكيان الذي فُبرك بمزيج من الغطرسة والرمزيات المتعددة، التي لا يهم مقدار الكذب والتحوير اللذين يداخلانها.
هذا هو شكل الصراع اليوم. وقد جسده سامر العيساوي.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...