ما الخامس من حزيران؟

ليس نكسة، حتى لو اضفنا «أل» التعريف تعظيماً. بل هو ضربة في الرأس، أكملت النكبة، وشكلت منعطفاً في المسار اللاحق لمجمل المنطقة، ما زلنا الى اليوم نعيش في ظل آثاره. توفي عبد الناصر كمداً، بعدما اكتشف النخران القاتل في البنيان الذي أراد به ليس فحسب مقاتلة إسرائيل، بل تحقيق أماني الأمة في التنمية المزدهرة والعدالة الاجتماعية. واكتشف أن كل كاريزما الأرض لا تحمي مطاراً مكشوفاً نتيجة
2013-06-05

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

ليس نكسة، حتى لو اضفنا «أل» التعريف تعظيماً. بل هو ضربة في الرأس، أكملت النكبة، وشكلت منعطفاً في المسار اللاحق لمجمل المنطقة، ما زلنا الى اليوم نعيش في ظل آثاره. توفي عبد الناصر كمداً، بعدما اكتشف النخران القاتل في البنيان الذي أراد به ليس فحسب مقاتلة إسرائيل، بل تحقيق أماني الأمة في التنمية المزدهرة والعدالة الاجتماعية. واكتشف أن كل كاريزما الأرض لا تحمي مطاراً مكشوفاً نتيجة الإهمال أو الخيانة. وأن الأمر يتطلب أكثر من حماسة
الجنود/ أبناء الفلاحين الذين كان قد قام بإصلاح زراعي من أجلهم، وأرسل أبناءهم وبناتهم إلى المدارس.
خرج عبد الناصر باكياً على الناس، وبكل احترام لهم ولنفسه، اعترف بالهزيمة، وبمسؤوليته. واستقال. فأعاد طوفان بشري تكليفه. راح يسعى ويقاتل في حرب الاستنزاف. ثم جاء «أيلول الأسود» ليتوج المشهد. فرحل الرجل بعد يوم واحد (والأدق بعد بضع ساعات) من جمعه أبو عمار والملك حسين في «مصالحة» مُرّة، إثر ذلك التقاتل الدموي. كان زمنه قد سبقه الى الرحيل.
لا تخطئ القناعة الشعبية حين تصر على اعتبار عبد الناصر مات اغتيالاً، تسميماً أو ما شابه، بغض النظر عن صحة الواقعة، فهذا ليس مهماً في السياق. ولا يجهل الناس أن النظام الذي بناه كان منطوياً على آفات، وعلى كثير من القصور، وكان فيه قدر عال من الاستبداد. إنما يتمسك الناس بالنوايا التي عبَّر عنها الرجل، وهي كانت وما تزال تصوغ نسغ أحلامهم، تلك المدفونة في أعماقهم، كبذرة حية... برغم حرب التشويهات ضدها: التيئيس، والسخرية، والتسخيف من جهة، والإفقار، مزيد من الإفقار، ومن القمع العاري، ومن السحق بكل أشكاله، من جهة أخرى. وتفاهة أكثر وخرافات، ونزوعات تفكيكية. بؤس عظيم، من المدهش أنه لم يُكَفِّر تماماً وبلا رجعة، الجميع. لم يكفرهم، إذ ظل الناس يأملون من كل ظاهرة تحمل بعض سمات ذلك الحلم.
ولأن مجتمعاتنا انتُهكت، فهي، وبينما تثور أو تقاوم، فإنما تفعل حاملة أيضاً بصمات هذا الانتهاك. ولكن، وعلى ذلك وبالرغم منه، يبقى قائماً الأمر الأساس: أين يقف واحدنا؟

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوئدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...