هل قلتم المصلحة العامة؟

ما يدور في تونس هذه الايام فائق الاهمية: الاتفاق على البدء بالحوار الوطني تجنيبا للبلاد الغرق في مزيد من «الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية»، بحسب البيان الصادر عن الاجتماع الاول لهذا الحوار منذ أيام، والذي وقع على وثيقة انطلاقه 21 تشكيلا سياسيا، منها «النهضة» نفسها، و«نداء تونس» («الدستوريون» قبل الفساد الذي مثّله بن علي)،
2013-10-09

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

ما يدور في تونس هذه الايام فائق الاهمية: الاتفاق على البدء بالحوار الوطني تجنيبا للبلاد الغرق في مزيد من «الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية»، بحسب البيان الصادر عن الاجتماع الاول لهذا الحوار منذ أيام، والذي وقع على وثيقة انطلاقه 21 تشكيلا سياسيا، منها «النهضة» نفسها، و«نداء تونس» («الدستوريون» قبل الفساد الذي مثّله بن علي)، و«الجبهة الشعبية» أي التكتل اليساري. وكل حرف في هذه الخطوة، وكل ملمح، يمتلك أهميته. فالمبادِر وصائغ التصور للخروج من الازمة، هم أربعة تنظيمات كبرى من «المجتمع المدني»: الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (أرباب العمل)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، والهيئة الوطنية للمحامين. وعدا هيئة أرباب العمل، فالثلاثة الاخرى تنظيمات مناضلة، لها تاريخ عريق وراسخ. بينما يعزز انضمام هيئة أرباب العمل إليها مفهوم «المصلحة العامة»، كدافع لنشوئها. فالعجز في الميزانية العامة على سبيل المثال بلغ في الاشهر التسعة الفائتة خمسة مليارات دينار، ما اعتبره هؤلاء جميعا أمرا لا يمكن تجاهله... وبعد الدوافع، هناك التدابير والتصورات التي تستند الى مفهوم ثان عظيم، هو «التوافق الوطني» كوسيلة لتجاوز الخلافات، أو لإيجاد قواعد تضبط مفاعيلها التدميرية لو تُركت منفلتة. وقد اتفق المتحاورون على آلية صارمة ومواعيد للإجراءات تتجنب تماما تقاليد التمييع والمماطلة المعتادين: هنا تحديدات واضحة تستحث الثقة والاطمئنان.
... مما لا يعني أنه طريق معبد بالورود. لم يكن كذلك مع انطلاق المبادرة منذ أشهر، في عز انفجار الازمة متعددة الوجوه، وقتامة الجانب الامني منها بسبب اغتيالات المعارضين اليساريين وازدهار ارتكابات المجموعات الارهابية. وهو ليس كذلك اليوم، حيث تظهر بقوة سطوة الرافضين لهذا المنهج، وأخطرهم أوساط نافذة من حركة النهضة نفسها (انظر بيان مجلس شورى النهضة بعد يوم واحد من توقيع رئيسها للوثيقة)، لا تفهم لماذا التنازل بينما هم اقوياء وممسكون بالسلطة. وهي هنا نسخة من عقلية اخوان مصر ومحمد مرسي، التي أودت بهم الى التهلكة وما زالت تهدد أم الدنيا كل يوم. هو صراع إذاً، ولكنه يستحق أن يخاض بخلاف الكثير سواه. فهو نموذج عن معنى السياسة، السامي لا المنحط.

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...