السفاهة

لا صلة بين الأجواء اليوم في العالم وبين ما جرى عشية 2003، وهو تاريخ لا يحتاج الى مزيد للإشارة الى العدوان الاميركي على العراق. يومها سار في الشوارع عشرات الملايين معترضين على الحرب. لم يبق مكان في العالم لم يعرف التظاهرات العملاقة والاعتراض الشديد والعميق والصادق. بينما تسود حيال سوريا الآن حالة من التردد والتقلب المزاجييْن. المشترَك الوحيد هو المعارضة في البلدين، تلك التي كانت منضوية في
2013-09-04

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لا صلة بين الأجواء اليوم في العالم وبين ما جرى عشية 2003، وهو تاريخ لا يحتاج الى مزيد للإشارة الى العدوان الاميركي على العراق. يومها سار في الشوارع عشرات الملايين معترضين على الحرب. لم يبق مكان في العالم لم يعرف التظاهرات العملاقة والاعتراض الشديد والعميق والصادق. بينما تسود حيال سوريا الآن حالة من التردد والتقلب المزاجييْن. المشترَك الوحيد هو المعارضة في البلدين، تلك التي كانت منضوية في إطار «المؤتمر الوطني العراقي»، وتشجع الاميركان وحلفاءهم على غزو بلدها، وتدميره لو أمكن (ليصبح قادتها ديَكة فوق مزبلة)، وهذه، السورية، المنضوية الآن في إطار «الائتلاف الوطني»، والتي تستعجل سقوط الصواريخ على بلدها، وتشتاط غيظاً لأنها تأخرت.
هناك أسباب عدة لتفسير الاختلاف بين «2003» واليوم، منها غياب نيات احتلال سوريا، لا سيما أنه لا نفط فيها ولا من يحزنون، ولا محافظون جدد في الضفة المقابلة يحلمون بإعادة صوغ العالم والمنطقة. اسمها هنا «الضربة»، ويقول أصحابها إنها «للتأديب» فقط، وفق منطق أبوي/ استعماري لم يتبق شيء من أسسه الصلبة، سوى هذه العنجهية اللفظية، وهي والحال تلك سفاهة صافية. ويظهر واضحا أن الضربة شكْلية (بمعنى ما، ويا للفظاعة)، ويظهر ان المسؤولين في سوريا ينتظرون انقضاءها والسلام، كما قالوا بصيغ مختلفة، ليعودوا بعدها الى سابق عهدهم، وهو موقف لا يقل سفاهة عن موقف الاوّلين. هي لعبة مريضة إذاً، يدفع ثمنها الناس في سوريا فحسب، ومعهم بالضرورة سائر ابناء المنطقة.
«الحسنة» الوحيدة حتى الآن، هي أن حالة الاستنفار جمّدت أعمال القتل في سوريا. لم نسمع هذا الاسبوع عن مجازر من قبل سلطة باتت خارج التاريخ، ولا من قبل هؤلاء البرابرة العاملين قطعاً في رقاب الناس. فلو تدوم! بضعة ايام أو بضعة أسابيع، هدنة تسمح للناس بالتقاط انفاسهم. أم هو ضجيج الطائرات والأساطيل العملاقة أخفى عن العالم أصوات القتل «العادي»؟ متى يحين حقاً موعد تعقل أطراف هذه الحرب العالمية الجديدة، شبه الباردة، فيعترفون بداية أنه لا حلَّ أمنياً ولا عسكرياً، ويبحثون من ثمَّ عن آلية للحل السياسي، حتى لو استغرق تحقيقه سنوات؟ سوى ذلك عبث و... سفاهة.

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...