«افرم.. اغضب»؟؟

يا للهول! من اخترع هذا الشعار/النداء البائس، الذي لا يمنح العسكر وقائدهم «تفويضاً» بضرب المجموعات الإرهابية المسلحة فحسب، بل يمجد سحقهم للناس المخالفين لهم في الشوارع. وهو ما يحدث. وسواء أكان ضحايا يوم الجمعة الفائت 75 قتيلا أو 200، فهذا يُفترض به أن يثير الاشمئزاز والرفض القاطعَين من المناهضين للإخوان قبل مناصريهم. فإما أننا في حرب عشائرية، تقوم على الإبادة والسبي
2013-07-31

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

يا للهول! من اخترع هذا الشعار/النداء البائس، الذي لا يمنح العسكر وقائدهم «تفويضاً» بضرب المجموعات الإرهابية المسلحة فحسب، بل يمجد سحقهم للناس المخالفين لهم في الشوارع. وهو ما يحدث. وسواء أكان ضحايا يوم الجمعة الفائت 75 قتيلا أو 200، فهذا يُفترض به أن يثير الاشمئزاز والرفض القاطعَين من المناهضين للإخوان قبل مناصريهم.
فإما أننا في حرب عشائرية، تقوم على الإبادة والسبي والإجلاء، وهي قوانين الغزو والغلَبة القبَلية، وإما أننا بصدد ثورة تريد إرساء العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية، ودولة القانون والمدنية والتنمية والاستقلال الوطني. وهي مهمة شاقة للغاية، بسبب سنوات الخراب الفائتة بل عقوده، ويتطلب انجازها امتلاك تصور وطني عام وليس خزعبلات تلفيقية.
عِيبَ على حكم الإخوان تفاهته وقصوره. والدليل عليهما كان اعتبار مرسي أن انتخابه رئيساً للجمهورية يمنحه تفويضاً لارتكاب ما يشاء، وصمَّ أذنيه عمن يعارضه ويخالفه، معتداً بشرعية الأغلبية التي انتخبته، وانتخبت مجلس الشعب المؤيد لجماعته، أو صوتت لدستوره بنعم في الاستفتاء.
وما يجري اليوم في مصر يشبه مسلك الإخوان، ويضيف إليه أخطاراً جمة، على رأسها أن تنزلق البلاد إلى الاقتتال الأهلي أو إلى الديكتاتورية. ومن يظن أن هناك «حلاً أمنياً» واهم. فهذا هو الاسم السري للقمع العاري والاستبداد، بل لإرهاب الدولة. ومن يظن أن «اجتثاث» الإسلام السياسي قد تحقق بمجرد ظهور تفاهة حكم الإخوان وبمجرد النجاح في إسقاطهم بتمرد شعبي، واهم أكثر. وأما من يظن أن السيف سيكتفي بقطع رقاب الإخوان والسلفيين، ومن يكره هو شخصياً، فهو الواهم الأكبر. تنجح الثورة المصرية حين تؤسس لتقاليد تنطبق على الجميع، حقاً الجميع، وبشكل موضوعي وثابت. ومن هذه الأسس/التقاليد تحريم القمع والاعتراف بالحق في الاختلاف والسعي للتسويات السياسية، دوماً وأبداً. وإلا، فكيف يُعاب على حركة النهضة التونسية تأسيس «لجان حماية الثورة» كميليشيا تروع وتقمع وتوفر الأرضية العملية والنفسية لاغتيال المعارضين السياسيين مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي؟
هل في هذا الموقف «ملائكية»، بمعنى السذاجة؟ بل هي الخطوة الأولى لصون الثورة. فإذا بدأت الزاوية تنحرف منذ الخطوة الأولى، فعلى آمال الناس وطموحاتهم السلام. وهذا حرام كبير. فالمجتمعات لا تقوى على الثورات كل يوم!
            
 


وسوم: العدد 55

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...