في فن التطبيل

مصر اليوم على الموضة. كل شاشات التلفزة منشغلة بها، وهي تحتل كل عناوين الصحف. ويتفنن المعلقون بإطلاق أسئلتهم «الجوهرية»، بينما يتزاحم الضيوف لتفحص الموقف بجدية مع أنهم في الغالب يجهرون بآراء معلبة، وكأنها بديهيات. الى متى ستبقى مصر على الموضة؟ يومان آخران، أسبوعان أو شهران... ثم تزيحها أحداث خطيرة في مكان ما من المنطقة المنكوبة، وهكذا. تسمرنا أمام التلفزيون يوم احتُل العراق، وقبل
2013-07-17

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

مصر اليوم على الموضة. كل شاشات التلفزة منشغلة بها، وهي تحتل كل عناوين الصحف. ويتفنن المعلقون بإطلاق أسئلتهم «الجوهرية»، بينما يتزاحم الضيوف لتفحص الموقف بجدية مع أنهم في الغالب يجهرون بآراء معلبة، وكأنها بديهيات. الى متى ستبقى مصر على الموضة؟ يومان آخران، أسبوعان أو شهران... ثم تزيحها أحداث خطيرة في مكان ما من المنطقة المنكوبة، وهكذا. تسمرنا أمام التلفزيون يوم احتُل العراق، وقبل الاحتلال، لمن لا زال يذكر، في غزوه الكويت، ثم أثناء الحرب العالمية التي شُنت عليه. ودهشنا منذ سنتين ونيف لخروج مئات ألوف السوريين في مسيرات سلمية ــ مَنْ ما زال يذكر؟ــ مكذِّبين توقعات الجميع، وعلى رأسهم نخبة سورية لم تر أبدا الآتي، ولكنها ما أن حدث حتى بدأت تتكلم وتفيض، تعد وتتوعد، ثم تنصِّب نفسها ناطقاً وقائداً... ورحنا نتآلف مع الخراب المعمم والمريع، متبادلين التهم حول من هو أكثر وحشية، النظام أم معارضته المكرَّسة. وقبل هذه وتلك، ورفقتهما، كانت فلسطين، تلك التي نتغنى بها بأسى رومانسي يشي بتخلٍ ضمني عنها أو بيأس دفين منها. وكل ذلك بأقصى الحماسة والقطعية. بأشد اليقين!
متى سنفكر؟ نتوقف أمام حالنا نعْقُلها، مغادرين غريزة الانفعال الأجوف والعقيم، وسطوة منطق الغلبة العشائري والتصفوي الذي لا رجاء منه. مغادرين قرع الطبول، ليس تأدباً ولا رفعة أخلاق، بل توخياً لنتيجة ما، للفعالية. متى سيقلقنا حالنا؟ جدياً. فنشعر بالخطر مثلما يفعل مصاب بمرض يتطلب منه خطة علاج وإلا قضى. نستخلص من تجاربنا ما ينبغي لتُعيننا في صوغ قناعاتنا، وفي اختياراتنا المقبلة. فإن كان عامة الناس قد دفعتهم ثلاثية الإفقار والتهميش والقمع (التي تشتغل معاً بقسوة ومنذ زمن)، الى المراوحة بين الهياج والاستكانة، فما بال المثقفين والمتنطحين للقيادة يجْرون وراءهم، مكتفين بإعادة صياغة ذلك الهياج، أو التنظير لتلك الاستكانة، ومضيفين في الحالتين بهارات الانتهازية والتسلق وحسابات الذات.
خطة إنقاذ وطني. على مستوى المنطقة، وعلى مستوى كل بلد من بلدانها. المعيار القيمي في الحكم على هذا وذاك ليس ايديولوجيته ولا معتقداته، وليس بالتأكيد «هوياته»، بل سيطرة هذا الهاجس عليه، وبحثه عن سبل بلورة مستلزماته. وكل ما عدا ذلك نافل، ومضجر!


وسوم: العدد 53

للكاتب نفسه

يا عراق!

يباشر "السفير العربي"، بالاتفاق مع "جُمّار"، الموقع العراقي الشاب والمميَز، انتاج نصوصٍ تخص "مرور" عشرين عاماً على الهجوم الاستعماري المدمِّر على بلاد الرافدين، واحتلاله وسحق أوصاله، كما خلخلة مرتكزات مجمل...

لهنَّ ولكل الناس

بمناسبة 8 آذار/ مارس، اليوم العالمي الذي يحتفل بنضال المرأة من أجل حقوقها التامة في المساواة والحرية والكرامة، يستعيد "السفير العربي" مقالاً افتتاحياً كان قد نشره منذ عشر سنوات بالتمام،...

"بوغروم" فلسطين

إسرائيل المتفلتة برعونة كاملة تعيش هي الأخرى مأزقاً، وإن كان في ممارساتها تلك انتهازاً لـ "اللحظة" الإقليمية والعالمية، ولكنها في الوقت عينه تعبير عن "الاستحالة" التي تقف هي نفسها أمامها:...