مصر التي في بالي

لا نملك ترف إضاعة مصر. فالكارثة ساعتها ستتجاوز البلد نفسه لتشمل كل فضائنا. هذا مع أن «البلد نفسه» هائل بذاته، ومركزي، الى آخر ما نعرف من صفات. لا نملك مثل هذه الترف الآن بالذات، برغم أننا لم نكن نملكه قبلا أساساً، بدلالة ما جرى لنا مع هزيمة 1967، ثم مع الخيانة المدوية للسادات. ولكن الآن؟ وفيما سوريا تغرق في دماء أبنائها بلا أفق لنهاية المأساة، بينما تبتهج سلطاتها للمشهد المجنون
2013-07-10

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لا نملك ترف إضاعة مصر. فالكارثة ساعتها ستتجاوز البلد نفسه لتشمل كل فضائنا. هذا مع أن «البلد نفسه» هائل بذاته، ومركزي، الى آخر ما نعرف من صفات. لا نملك مثل هذه الترف الآن بالذات، برغم أننا لم نكن نملكه قبلا أساساً، بدلالة ما جرى لنا مع هزيمة 1967، ثم مع الخيانة المدوية للسادات. ولكن الآن؟ وفيما سوريا تغرق في دماء أبنائها بلا أفق لنهاية المأساة، بينما تبتهج سلطاتها للمشهد المجنون الذي ساهمت في صنعه، وتراهن على المزيد إبعاداً لشبح المساءلة عن عنقها. وفيما العراق العظيم نخر بأناة، بفعل إجرام ديكتاتوريته الغابرة ثم بالحروب والحصار والاحتلال، وما زال ينخر بالأناة نفسها بفعل نظام العملية السياسية الطائفية التي لا تستقيم بدون تعميم الفساد والقتل. وهذا مثلث القلب الذي يعول عليه.
وإن كانت سوريا والعراق تدفعان ثمن معطيات كبرى قد تفوق حملهما، فثورة مصر الأولى والثانية فتحت الباب على الأمل، وهو الكنز الثمين اليوم. وإنما لذلك شروط. وعلى رأسها بالمطلق أن تطرح الثورة قيماً يمكن الاقتداء بها. إذ ما الذي فعله عبد الناصر في زمانه؟ طرح القيمة العليا للعدالة الاجتماعية، ومنها جاء الإصلاح الزراعي والتعليم للجميع، وكل المشاريع والمواقف التي جعلت الريس متطابقاً مع هوى الناس. وثورة مصر اليوم لا يمكنها أن تتصرف كما لو كانت «عركة» عشائرية. ساعتها لن يهم من يغلب فيها، فلا رابح. وساعتها يُنصّب العسكر حَكَماً بالضرورة. وهذا في أحسن السيناريوهات، بينما أسوأها هو حرب أهلية، وعنف مطرد لا يُلمّ، يقال بعده العوض على مصر. ويبدأ بناء منظومة القيم: من التحقيق في مقتل الكم المهول من الناس منذ يومين أمام مقر الحرس الجمهوري، ومن كشف ومحاسبة القتلة، وقبلها من إدانة الفعلة بلا لبس ولا استدراكات، والترحم على الضحايا... وهذا يضاهي التحقيق في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود. ولا مشروعية في المطالبة بهذه من دون تلك. وأما ان نستخف بهذه، ونسر لتلقين»هم» درساً وترويعهم، لأنهم من العشيرة المقابلة، فلا يبني مستقبل مصر. بل هي افكار الماضي وردود افعاله. وهي بحق جزء من الثورة المضادة.

Normal
0

false
false
false

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...