الحق في الزيارة

لعل قصْد أبو مازن مما قاله في مقابلته للتلفزة الاسرائيلية مطلع الشهر الجاري، قد كان انتزاع حق الزيارة للاجئين الفلسطينيين إلى قراهم في الجليل وسواه. وهذا لطيف. فهو تمكن من زيارة صفد، رؤيتها، ويتمنى أن يتمكن كل فلسطيني من ذلك. يلقي نظرة ثم يعود أدراجه من حيث أتى. قال «من حقي أن أراها لا أن أعيش فيها». وتصادَف أن المقابلة جرت في ذكرى وعد بلفور، ولكن من يتذكر هذا التاريخ السحيق؟ اللئيم
2012-11-07

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

لعل قصْد أبو مازن مما قاله في مقابلته للتلفزة الاسرائيلية مطلع الشهر الجاري، قد كان انتزاع حق الزيارة للاجئين الفلسطينيين إلى قراهم في الجليل وسواه. وهذا لطيف. فهو تمكن من زيارة صفد، رؤيتها، ويتمنى أن يتمكن كل فلسطيني من ذلك. يلقي نظرة ثم يعود أدراجه من حيث أتى. قال «من حقي أن أراها لا أن أعيش فيها». وتصادَف أن المقابلة جرت في ذكرى وعد بلفور، ولكن من يتذكر هذا التاريخ السحيق؟ اللئيم وحده يفعل. فلا صلة بين الأمرين. أبو مازن بصدد خطوة خطيرة، هي التقدم من الأمم المتحدة بطلب ترقية وضع فلسطين فيها إلى دولة غير عضو. وهو أراد في هذه المناسبة (لا تلك يا ألسنة السوء) توضيح الأشياء، وإعطاء ما لقيصر إلخ: الضفة وقطاع غزة وشرق القدس له، والباقي لإسرائيل «الآن والى الأبد». الأبد؟ من يتحكم بالأبد؟ هذا يكاد يكون كفراً.
إلا أن وصول عباس إلى الكفر لا يشفع له لدى نتنياهو. فالرجل يحقد عليه لأنه ينوي تقديم ذلك الطلب إلى الأمم المتحدة، وينعته بالكاذب، بينما يفضل ليبرمان نعت العاجز. وتل أبيب، مع واشنطن (بأوباما حالياً، فكيف برومني؟) تنويان فرض عقوبات عليه لو فعلها. هل تقدّرون حجم المخاطرة. كان لا بد من تهدئة الخواطر. فزاد عباس أنه لن تكون هناك انتفاضة ثالثة ما دام هو في السلطة. لم ينفع. تلقى تهاني بيريس وليفني وكتَّاب اليسار الصهيوني، وقد باتوا قلة. قالوا عنه إنه شجاع، وشريك لإسرائيل في السلام. انتهزوا الفرصة لإزاحة لب المشكل، فبدا وكأن المشكل كان في توفّر الشريك وليس في اسرائيل. حتى أنتم يا بروتوس.
كل ذلك لعبٌ في الوقت الضائع، لعله أفاد عباس إذ أعاد إليه الضوء لأيام، جعله يشعر بأنه مهم، وهناك من يتذكره. وهو حاول بعدها أن يقول إن موقفه ذاك «شخصي»، أي مزاج. من حق الرجل ألا يرغب بالعيش في صفد. ولكن ليس من حقه أن يقول إنه «ليس من حقه» العيش فيها. تلك هي المسألة.


وسوم: العدد 18

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...