سوريا: ما اللحظة الآن؟

هناك علامات لا تخطئها العين، ولعل السلطة السورية لن تنكرها: لم تتم السيطرة على الانتفاضة، ولن تتم بالقوة. فات وقت ذلك واحتماله. بل لم تتوقف الانتفاضة عن الامتداد في الزمان والمكان. وهذا ليس من فعل «عصابات». حتى السلطة نفسها تخلّت عن التعبير، وقررت ان تُلصق الأمر برمّته بـ«كتائب النصرة»، أو أي اسم يمكن أن يوحي بإسلام جهادي على طريقة القاعدة. السلطة تتجاهل أن سوريا ليست
2012-12-05

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

هناك علامات لا تخطئها العين، ولعل السلطة السورية لن تنكرها: لم تتم السيطرة على الانتفاضة، ولن تتم بالقوة. فات وقت ذلك واحتماله. بل لم تتوقف الانتفاضة عن الامتداد في الزمان والمكان. وهذا ليس من فعل «عصابات». حتى السلطة نفسها تخلّت عن التعبير، وقررت ان تُلصق الأمر برمّته بـ«كتائب النصرة»، أو أي اسم يمكن أن يوحي بإسلام جهادي على طريقة القاعدة. السلطة تتجاهل أن سوريا ليست كوريا الشمالية المعزولة خلف ستار حديدي من زمن آخر، والقابعة في كنف الإمبراطورية الصينية، بل سوريا في قلب العالم العربي وعلى مرمى حجر من أوروبا، ومحيطها مفتوح، يسرِّب كل شيء، كاميرات وكمبيوترات وأسلحة وصحفيين من كل الاجناس، وبالتأكيد جواسيس و«خبراء»...
سوريا تلك تقف اليوم بالذات أمام انتهاء مرحلة، وقد تراكمت فيها الاحداث فتحققت تلك المعادلة الكيميائية والفلسفية في آن التي تتحدث عن تحول الكم الى كيف. يحدث ذلك في لحظة. ولا فضل (أو ذنب) لـ«المجلس الوطني» ثم لصيغته الجديدة التي فبركتها قطر برعاية أميركية وهي تدَّعي الائتلاف في هذا، أو قل أن نصيبها منه ضئيل جداً.
الأمر أن السلطة وضعت الناس أمام خيار ثنائي لا ثالث له، وأغرقتهم في الدماء لتقنعهم بحسن الاختيار. وأخطأت... كعادة السلطات في أحوال مشابهة. السلطة في سوريا لم تطق ميشال كيلو على اعتداله وتعقّله، ولا طاقت الحكيم الآخر (بكل معاني الكلمة) عبد العزيز الخيِّر ـ الذي ما زالت تنكر اختطافه لها رغم الشواهد والشهود ـ ولا طاقت قبلهما أطفالاً كانوا يلعبون بشعارات على الحيطان. وهي لهذا فقدت الاداة الرئيسية لأي حكم، الشرعية، التي من دونها يتعرى القمع ويصبح بلا جدوى. الدليل؟ لم يعد يوجد من يدافع عن النظام القائم، ولا حتى أقرب حماته. هناك من يبرر موقفه: بالتوازنات الإستراتيجية، بمعركة كبرى أخرى، بالخشية من الفوضى... والسؤال اليوم لم يعد يخص مصير السلطة، بل مصير البلد: هل تُمعن السلطة حتى اللحظة الاخيرة، غباء، أو حقداً، فترتفع الاثمان أيضا وأيضاً، ويصبح الجبر والجَسْر والترميم أصعب؟

للكاتب/ة

حوار مع نهلة الشهال: بوصلتنا الاستمرارية في «البحث وسط الخراب عما ليس خرابًا»

في الحوار مع «الفيصل» تكشف الشهال عن مسار طويل من الالتزام الفكري والسياسي، يمتد من تجربة اليسار الجديد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى تأسيس منصة «السفير العربي» التي صارت...

صون شعاع الأمل المتجدِّد

هذا صراع عنيف وشرس، لم يتوقف يوماً، منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. ينتصر الخير أحياناً، وينتكس في أحايين أخرى، وينهزم مرات. وحين ينتصر، يُصاب البشر بالنشوة، وحين ينهزم يهبطون إلى...

العبودية الجديدة

لم تولد بشكل مفاجئ هذه الحال، التي تعيشها البشرية اليوم في كافة الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والفكرية. لم تولد مع الحرب الإبادية على غزة، الدائرة منذ عامين بوحشية نادرة....