من يمكنه الادعاء، أياً تكن قناعاته السياسية، بأنه لا يشعر بالخوف من سوريا، وعليها؟ من ذا يقارب الوضع السوري مليئاً بالثقة بالنفس وبالحماسة؟ هل تلك هي حال مؤيدي النظام القائم؟ بعضهم يؤيده لغرض في نفسه، وبعضهم الآخر لمصلحة مرتبطة بموقعه أو بتاريخه، وآخرون يعتمدون على منظار أحادي الرؤية لا يرى إلا الاعتبارات الجيوستراتيجية، وأخيرون سينيكيون يعتقدون أن السياسة والأخلاق منفصلان، وأن الغاية تبرر الوسيلة، وان السيطرة تحتاج للعنف مهما بلغ، وأن سوريا موضع مؤامرة متعددة الأطراف تقودها إسرائيل... كل هؤلاء، على تنوعهم، غير مطمئنين بالتأكيد، ويعلمون أن الثمن المدفوع لتطبيق تصوراتهم حول إدارة الأزمة باهظ. وأن سوريا الغد، أياً كان مصير المخططات الراهنة المعتمدة، ستخرج مدمرة من المواجهة الجارية، ولن تكون قابلة للترميم في ظل الحكم الحالي لو استمر. أي حتى لو انتصرت مخططاتهم تلك، وتمكنت من سحق ما يسمونه «العصابات»، وكل تحرك أو نية في الاعتراض والمطالبة لدى الناس (على فرض!). وكذلك يعلم مناهضو النظام، وهم حقاً من فئات شديدة التنوع والاختلاف، أن مسار التخلص من سطوته، يحمل في طياته مقداراً هائلاً من الخراب، بسبب عنف السلطة فائق الحدود وتمددها الاخطبوطي. وهم يعلمون أن معظم قوى المعارضة هشة، متصدعة، مفتقدة النضج، عرضة للتلاعب... وأن وراء هذه الحال أسباباً كثيرة، يأتي في مقدمتها سحق النظام المنهجي للحياة السياسية والثقافية والفكرية العامة. الخوف إذاً من سوريا المتفجرة، التي يهدد زلزالها الراهن بموجات ارتدادية تصدِّع المنطقة برمتها، بسبب النخران الذي يفتك بها منذ عقود طويلة. والخوف على سوريا من الانزلاق البطيء إلى الجحيم، ومن التشظي، ومن الغرق في دماء أبنائها، كلهم، ومن الأحقاد الهدامة، ومن سطوة الغرائز... وبالفعل، فتلك ليست مفردات لإنجاز التحرر الوطني والاجتماعي.
أسباب الخوف على سوريا اليوم ثم الغد كثيرة وفعلية، وهو موقف غير متناقض. ولكنه لا ينبغي له أن يكون سكونياً. فالتغيير لا ينتظر اكتمال شروطه المثلى. هذا أمر لم يسبق له أن حدث في أي ثورة. وكل ما باليد هو حمل الخوف على سوريا في الصدور، وتوظيفه عدم تساهلٍ مع أي ارتكاب.
إفتتاحية
الخوف على سوريا
من يمكنه الادعاء، أياً تكن قناعاته السياسية، بأنه لا يشعر بالخوف من سوريا، وعليها؟ من ذا يقارب الوضع السوري مليئاً بالثقة بالنفس وبالحماسة؟ هل تلك هي حال مؤيدي النظام القائم؟ بعضهم يؤيده لغرض في نفسه، وبعضهم الآخر لمصلحة مرتبطة بموقعه أو بتاريخه، وآخرون يعتمدون على منظار أحادي الرؤية لا يرى إلا الاعتبارات الجيوستراتيجية، وأخيرون سينيكيون يعتقدون أن السياسة والأخلاق منفصلان، وأن الغاية تبرر
للكاتب نفسه
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
نهلة الشهال 2025-01-16
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
نهلة الشهال 2024-11-29
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.