بورتريه: مناضل من نوع شائع

هو حداثي على صعيد المرجعية المُعلنة، جذري على مستوى الخطاب، عريق وشْريف وذي حسب ونسب على مستوى الأصل، يساري على صعيد الشعار، متبرجز على مستوى الذوق، طيب مع الجميع، يريد أن يناضل من دون أن يسمي الأشياء بأسمائها، من دون اتخاذ موقف وإعلانه، يريد أن يُرضي الجميع دفعة واحدة، فينتهي رخوا ومائعا ورجراجا ومقرفا. لديه طموحات كبيرة وإمكانيات هزيلة، لذا تفرغ لإدارة «الفهلوة»، تربكه
2012-08-01

محمد بنعزيز

كاتب وسينمائي من المغرب


شارك

هو حداثي على صعيد المرجعية المُعلنة، جذري على مستوى الخطاب، عريق وشْريف وذي حسب ونسب على مستوى الأصل، يساري على صعيد الشعار، متبرجز على مستوى الذوق، طيب مع الجميع، يريد أن يناضل من دون أن يسمي الأشياء بأسمائها، من دون اتخاذ موقف وإعلانه، يريد أن يُرضي الجميع دفعة واحدة، فينتهي رخوا ومائعا ورجراجا ومقرفا.
لديه طموحات كبيرة وإمكانيات هزيلة، لذا تفرغ لإدارة «الفهلوة»، تربكه العلاقات التعاقدية، لذا يتواصل «حبيا» من أجل «جبر الخواطر»، يُفضل حضور الجلسات على الشاي والكسكس، ويتلافى الاجتماعات والنقاشات في المكاتب ومقرات الكوادر، يثق بالزمن السائب، يفضل الانتظار لتنْحلّ المشاكل، لذا يعترض على كل المبادرات «المتسرعة والفردانية والصبيانية». يعترض ولا يقترح. يفتقد جدول أعمال ويشتغل برد الفعل. يحل مشاكله يوما بيوم. يستخدم لفظ «المسؤولية» في نصف جمله ويذم «التسرع» في النصف الآخر. يعتبر كل مبادرة لا تصدر عنه تهورا. عندما تشتد الأزمات، يعلن أن لديه «انشغالات عائلية»، يختفي ويتابع النفخ في الاضطرابات، عندما تهدأ الأوضاع يعود إلى الواجهة ليؤكد أنه تنبأ بل كان يعرف كل ما حصل، وبالحرف.
هو يساري ويحافظ على ولائه للطائفة، أو للقبيلة و«الدم» أولا، خاصة في وقت الأزمات، ففي القبيلة يجد ابن العم الذي يحتمي به. هو حداثي ويعتبر المرأة ـ لاشعوريا ـ «عورة». هو جذري ويريد التعاون مع السلطة وحتى مع إبليس لعنه الله. هو شْريف ويعتبر نفسه ديموقراطيا، يذم الشوفينية ولا ينسجم إلا مع أبناء العم، هو متبرجز ويفضل الجلباب والتعطر بالند. هو مناضل ويخاف مصطلح الصراع، يريد أن يبزغ نجمه بأقل كلفة، نزيه عن خوف لا عن مبدأ، قيل له «لا يبتسم الحظ إلا للشجعان» ولم يصدق، يبحث عن موقع ولديه طريقته للوصول، يخشى أن يُغضب جهة غير محددة لذا لا يتمم جمله، غالبا ما يستخدم المبني للمجهول كي لا يتحدث عن أحد...يتابع حياته هكذا في انتظار يوم حظه، فقد رأى كم من مرة ابتسم الحظ للجبناء.
والدليل على صحة نهجه، أن رأسه ما زال فوق كتفيه، بينما سقطت رؤوس كثيرة!

 

مقالات من المغرب

أنا وليالي الضّوء في الغابات

لم أتوقف عن الرسم، لأنني تعلّمتُ نقش الحناء بسرعة بعدها، لوجود جمهور متحمس، مع إمكانية الاختراع، وانجذاباً إلى رائحة الحناء، وتدرجات اللون البني على الأصابع والراحات والأكفّ. كنتُ أخترع بنفسي...

للكاتب نفسه