دخل الأستاذ قاعة الدرس فوجد رسماً على السبورة. يكتشف تشابهاً بينه وبين الرسم. نظارات كبيرة وشعيرات قليلة في مناطق متباعدة من الرأس...هكذا يصدمنا غلاف سيرة "يوميات أستاذ خصوصي" للكاتب الشاب ميمون أم العيد. وقد طبع السيرة على حسابه في بداية 2012.
يحكي أم العيد عن معاناة مدرس في التعليم الخاص. فبداية يطلب من المرشح العمل ستة أشهر أو سنة مجاناً من باب التجريب، ويعيّن شفوياً، ليس لديه عقدة عمل وهو مهدد بالطرد في أية لحظة. وقد اشتكى منه تلميذ في الشهر الأول من العمل فشعر بتهديد العودة للبطالة. لذا يبذل جهداً لكي لا يغضب التلاميذ والإدارة وآباء التلاميذ. يمنع الأستاذ من طرد التلميذ من الفصل مهما فعل. لأن الأب الذي يدفع النقود زبون، فهو مالك.
النتيجة: يعتقد التلاميذ أنهم قادرون على استبدال أساتذتهم عبر التسبب في طردهم.
لذلك يتقبل الاستاذ تدخلَ الكثيرين في عمله. تطلب منه الأم، نصف الأمية زوجة المحامي الشهير، أن يُجلس طفلها وحده أو تختار له من سيجلس بجانبه. وعلى الأستاذ أن يلتزم بذلك. وفي حالة العكس يجد الأستاذ الأم في باب الفصل تحتج. وقد يجد أمامه كل اسبوع مفتش التعليم (المراقب التربوي في المدارس الرسمية او العمومية، وهو يزورها مرة في السنة).
في عمله، يواجه أستاذ الخاص مشاكل مختلفة، فهو يمكن أن يدرس في المستوى الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي أم كلها معاً. لديه إجازة في الاقتصاد ويدرّس الرياضيات. يتعامل مع تلاميذ من أسر تتقن الفرنسية وينطقونها جيداً، بينما وسطه الاجتماعي لا يمكِّنه من ذلك. أحياناً يصححون له. أما وضعه الاقتصادي فمحرج.
ذلك أن المدرسة الخاصة تقع في حي راق جداً جداً. فبينما يصل التلاميذ في سيارات فخمة يصل الأستاذ لمقر العمل بدراجة بائسة. من حسن الحظ أن لدى "الخصوصي" خزان مبررات لتعزية نفسه، أهمها أن القناعة كنز...وهو قانع بوضعه رغم أنه لا يحصل على أجرة إن مرض وإن حلت العطلة الصيفية. وهذا خلاف حقوق الأستاذ في التعليم العمومي.
ترصد سيرة "يوميات أستاذ خصوصي" تبعات السياسة الحكومية منذ أيلول/ سبتمبر 2000. فهدفها أن يستقطب التعليم الخاص 20% من المتمدرسين بهدف تخفيف الضغط على ميزانية الدولة وعلى المدرسة الرسمية. لذلك فُتح الباب على مصراعيه لإنشاء مدارس خاصة تتكاثر كالفطر، في غياب كثير من الشروط التربوية، وفي هضم كبير لحقوق المدرسين فيها.
المؤلف: ميمون أم العيد
دار النشر: خاص
سنة الإصدار: 2012