قطر.. ثم ينهمرون!

لم يعرف أحد، في البداية، الأسباب الحقيقية لهذه الحرب التي استعرت نيرانها فجأة بين من جهة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وحتى ليبيا، ومن جهة أخرى قطر! لكن سياقها كشف أنها كانت مخططة ومدروسة.
2017-06-07

شارك
محمد الوهيبي - سوريا

فجأة، ومن دون سابق إنذار، تفجر الغضب المقدس لدى قيادة مملكة الذهب الأسود والصمت الأبيض ضد الإمارة "المن غاز"، فإذا هي الحرب على "الخوارج" ممثَلين بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني.. وهي "حرب مقدسة" سرعان ما انضم اليها بالأمر أو بالمصلحة أو بالغيرة أو بالأحقاد المعتقة، دول الإمارات والبحرين، ومن ثَمّ مصر، بعد زيارة استنجاد قام بها وزير خارجية السعودية عادل الجبير، وقبل أن تستنفر ليبيا "البلا دولة"، ثم جزر المالديف العظمى لتنضوي في التحالف الملكي الجديد.
لم يعرف أحد، في البداية، الأسباب الحقيقية لهذه الحرب التي استعرت نيرانها فجأة، لكن سياقها كشف أنها كانت مخططة ومدروسة. ولم تلغِ مشاركة الشيخ تميم في القمم الثلاث التي عقدتها الرياض تشريفاً وتكريماً للرئيس الأميركي الفريد في بابه دونالد ترامب، توقيع العقوبة عليه: الطرد من مجلس التعاون الخليجي وإشهار الحرب عليه بلا هوادة، مع استعادة التاريخ السري لهذه الإمارة الصغيرة التي طالما تنطحت للعب أدوار الدول العظمى متجاوزة ــ بطول أميرها ــ الممالك والجمهوريات شرقاً وغرباً.
فجأة، انتبهت مملكة الذهب والصمت ومعها الحلفاء الأبرار، أن قطر العظمى قد سبقتْ فارتكبت جرم الاعتراف بدولة العدو الاسرائيلي. مع أن ربع قرن من الزمان قد مر على هذه الواقعة التي لم يعاقِب قطر عليها أي من الدول التي استنفرتها السعودية الآن، فاستذكرتها... مع أن العديد من الدولة العربية والإسلامية المشاركة في قمم الرياض تقيم علاقات علنية (مصر، الأردن، المغرب) مع دولة العدو الاسرائيلي.. كما أن دولاً أخرى، بينها السعودية ذاتها، تنشئ على مهل علاقات ود وثيقة مع دولة الاحتلال، وإنْ غلفتها بالثقافة تارة، وبالدبلوماسية طوراً، وبالتحضر ومجاراة روح العصر والاعتراف بالأمر الواقع، دائماً.
كانت الذريعة "تغريدة" ادعى من نقلها فعممها أنها كانت على الموقع الالكتروني للشيخ تميم.. وعلى الرغم من "النفي الرسمي"، فقد كانت الشرارة التي تسببت في انفجار الحرب بين قبائل النفط الأسود وقبيلة الغاز الأبيض..
هي "حرب الاشقاء"، مرة أخرى، بينما مشاريع الاستيطان التي يسرع في إنجازها العدو الإسرائيلي تكاد تلتهم ما تبقى (نظرياً..) من أرض فلسطين لأهلها.

ثم إنها حرب عربية – عربية بذريعة إيرانية، مع أن الرئيس الاميركي هو الذي عاد من زيارته المظفرة إلى الأرض الاسلامية المقدسة بمئات المليارات من الدولارات، مع أربعمئة مليون دولار لمشاريع ابنته اليهودية في أميركا، هذا عدا الهدايا الملكية للسيدة ترامب والحاشية، وزراء وضباطاً وحرساً..
ولأنها حرب عربية – عربية، بذريعة إيرانية، فهي قد شملت "حزب الله"، الذي عوّض غياب أنظمة المُلك العربية في الحرب مع العدو الإسرائيلي..
هل من الضروري التذكير بأن الرئيس الأميركي قد ارتكب، أمام عيون مودعيه، سابقة الطيران مباشرة من أرض المملكة العربية السعودية إلى مطار اللد في دولة العدو الاسرائيلي، مما أثار شبق رئيس حكومة العدو فتمنى علناً أن يستطيع الافادة من السابقة فيطير من تل أبيب، أو حتى من القدس، إلى مطار الرياض أو جدة، ليكون أقرب إلى مواقع القداسة في مملكة الصمت الأبيض والذهب الاسود.
في أي حال فإن "الحرب المقدسة" التي أطلقت فيها السعودية الرصاصة الأولى على أمير قطر سيكون لها ما بعدها بالتأكيد.. وهي، كما هي السوابق الماضية، تدور خارج الميدان الأصلي وعلى حسابه.. ومن لم يعاقب شيخ قطر على سابقة اعترافه بالعدو الاسرائيلي "لحماية" قاعدة العيديد الأميركية، التي تكاد تكون أكبر قاعدة لإمبراطورية الكون خارج حدودها، لا يمكنه اقناع أحد بأن حربه على الإمارة من غاز هي لأسباب تتصل بالمستقبل العربي بعنوان تحرير فلسطين مثلاً... تماماً كما أن من يحارب الآن شيخ الإمارة من غاز لن يستطيع اقناع أحد أنه في طريقه إلى تحرير فلسطين، وكان لا بد أن يبدأ من مكان ما، فاختار قطر بمحض الصدفة أو بدافع الاخوة الصادقة!
كلهم "قطر" ثم ينهمرون!

 

مقالات من السعودية

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...