يبدو أن "العهد الأميركي الجديد" بقيادة دونالد ترامب قد أرسى علاقات وثيقة مع عدد من أولياء العهود في الجزيرة العربية وخليجها. وعلم أن بعض أولياء العهود، ولاسيما الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد في دولة الإمارات العربية المتحدة، كان السبّاق إلى التعارف مع ترامب وإظهار الاستعداد للتعاون، عشية انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية.. وهو قد حرص على تعزيز ذلك، بهدوء، بعد أن استقر ترامب في البيت الأبيض.
كذلك فإن الشيخ محمد بن زايد يُظهر إعجاباً بولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو قد نقل هذا الإعجاب إلى الرئيس الأميركي الجديد و"نصحه" بأن يستقبله، ولو من خارج البروتوكول ليظهر له الدعم.. في مواجهة منافسه الطبيعي ابن عمه ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
ولقد اتفق الرجلان على ضرورة توطيد العلاقة مع مصر عبد الفتاح السياسي على قاعدة الخصومة المشتركة لتنظيم الإخوان المسلمين الذي تعرّض المنتسبون إليه، من المصريين خاصة، إلى حملة مطاردة شرسة في دولة الإمارات، شملت رمي المئات منهم في السجون، وتسليم بعض قياداتهم إلى السلطات المصرية.
كذلك فقد التزم الشيح محمد بن زايد بتقديم العون إلى الحملة العسكرية السعودية على اليمن، وأرسل بعض طيرانه الحربي ليشن غارات واسعة على "الحوثيين" وقوات الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح.
ولقد وجد أمير قطر نفسه مضطراً إلى المساهمة في الحملة السعودية على اليمن، ورأى فيها مدخلاً إلى المصالحة مع المملكة المذهبة، ليدفع عن نفسه تهمة مساعدة الإخوان المسلمين وتشجيعهم على الاندفاع في مغامرة جديدة ضد النظام المصري.
وفي تقدير مراقبين دبلوماسيين، فإن الأمير محمد بن سلمان يخوض معركة التخلص من الأمير محمد بن نايف، قبل أن يدهم الموت الملك سلمان، وهكذا يكون المرشح الطبيعي لوراثة أبيه ملكا.
ومما يزيد من حظوظ هذا الأمير الطموح إنه قد استطاع إقناع أبيه الملك سلمان بالإجراءات التي اتخذت مؤخراً والتي شملت تشكيلات واسعة لاسترضاء الأمراء – الأشقاء، ومحاصرة الأمير محمد بن نايف بأمراء المحافظات، إضافة إلى الديوان الملكي الذي بات في يد هذا الأمير الشاب.
في هذا السياق تمكن قراءة تعيين الأمير خالد بن سلمان سفيراً للمملكة في واشنطن، وهو الأخ الشقيق للأمير محمد، بحيث يكون للملك المقبل سفيره المؤتمن في عاصمة القرار.
ويبدو أن ولييّ العهد محمد بن زايد ومحمد بن سلمان كانا حريصين على أن تتم هذه التعيينات جميعاً عشية وصول الرئيس الأميركي ترامب في زيارته الأولى خارج بلاده، والتي ستكون إلى الرياض، حيث سيلتقي- بطبيعة الحال - الملك سلمان وولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان، فضلاً عن شيوخ مجلس التعاون الخليجي.
وتقول أوساط دبلوماسية مطلعة إن محمد بن زايد قد لعب دوراً في "استرضاء" الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأغراه بأن بلاده ستكون شريكاً اقتصادياً للمملكة وإمارات الخليج في مشروع الربط بينها وبين مصر براً عبر جسر فريد في بابه، يقام في المنطقة التي انفجر الخلاف حولها مؤخراً عند مضيق تيران - صنافير.
وواضح أن أولياء العهود لا يهتمون كثيراً لأمر الحدود الدولية، فالذهب قادر على صنع الحدود كما على محوها..
واضح أيضاً أن إسرائيل ستكون الشريك الثالث.