جيل الثمانينيات في مصر: اسماعيل الاسكندراني مثالاً

(...) وبالتالي فلن أعيد نشر ما كتبته سابقا. أود فقط إضافة ثلاث نقاط: - الأولى هي أنني اعتبر إسماعيل نموذجا ساطعا لأجمل وأشجع ما في هذا الجيل من المصريين والمصريات، جيل الثمانينيات. هذا جيل نشأ في ظل الخواء المباركي، وانهيار التعليم، وانسداد أفق العمل السياسي، واستفحال أخلاق وسلوكيات اقتصاد السوق النيوليبرالية. وبالرغم من كل هذه الظروف القاتمة، فإن اسماعيل، شأنه شأن الآلاف غيره الذين
2016-01-14

شارك

(...) وبالتالي فلن أعيد نشر ما كتبته سابقا. أود فقط إضافة ثلاث نقاط:
- الأولى هي أنني اعتبر إسماعيل نموذجا ساطعا لأجمل وأشجع ما في هذا الجيل من المصريين والمصريات، جيل الثمانينيات. هذا جيل نشأ في ظل الخواء المباركي، وانهيار التعليم، وانسداد أفق العمل السياسي، واستفحال أخلاق وسلوكيات اقتصاد السوق النيوليبرالية. وبالرغم من كل هذه الظروف القاتمة، فإن اسماعيل، شأنه شأن الآلاف غيره الذين ساهموا في ثورة يناير، لم ييأس، ولم يهاجر، ولم يكف خيره شره. بل اجتهد وثابر وساهم قدر استطاعته في رفعة وطنه وعزته. ولمن يود الإطلاع على كتابات اسماعيل الإسكندراني، ولمن يريد الوقوف على نماذج من مجهوده البحثي، فليراجع مقالاته في السفير العربي أو المدن أو البديل.
- الثانية هي الإشادة بقدرات اسماعيل البحثية ليس فقط في مجال العمل الصحافي واهتمامه بقضايا سيناء والأعمال الجهادية هناك، بل أيضا في مجال البحث التاريخي. انظروا مثلا لمقاله الفذ عن تاريخ ميدان العتبة. المقال كان بعنوان "كيف يحكي ميدان واحد قصة شعب"، واعتبره مثالا جميلا لكيفية كتابة تاريخنا نحن، الشعب، وليس تاريخ الدولة والسلطة، تلك الكتابة التاريخية العقيمة التي ندرسها في مدارسنا والتي ترسخ قيم الخنوع والانبطاح أمام الدولة وأجهزتها، والتي تمحو أي أثر لنا كشعب في تاريخ بلدنا. هذا مقال ينم عن قدرات بحثية نادرة بالإضافة طبعا للغته الجزلة وطريقة العرض الشيقة. فلا غرابة أن ينال، وباستحقاق، جائزة هاني درويش للمقال الصحافي الاستثنائي لعام 2014.
- أما النقطة الثالثة فهي أنني مندهش فعلا من تهمة الانضمام لجماعة لإخوان المسلمين التي وجهتها له نيابة أمن الدولة العليا. فاسماعيل أكثر من درس وفند وفضح مقولات الإخوان وغيرهم من الجماعات الإسلاموية، التكفيرية منها أو الجهادية، كتاباته المشار إليها عاليه خير دليل على ذلك. مشكلة كتابات اسماعيل الإسكندراني أنها لا تعطي الضوء الأخضر للشرطة أو الجيش في ما يقومان به للتصدي للجهاديين، بل ينتقدها بشدة ويلفت أنظارنا جميعا لخطورتها على أمن البلد واستقراره. فهو دأب على أن يوضح من معايشته لأهل سيناء أن بعضاً من أعمال الجيش ضد الجماعات الجهادية (وأهمهم أنصار بيت المقدس الذين كانوا يغازلون القاعدة ولكنهم انحازوا لداعش في النهاية وبايعوها) يمكن أن يكون لها أثر عكسي، إذ أنها يمكن أن تؤلب السيناوية على الجيش وتخلق بيئة لظهور جيل جديد من الجهاديين الذين يكفّرون أفراد الجيش والشرطة ويستحلّون دماءهم.
هذه أفكار جريئة لا شك، فهي تدعونا للتأمل والتفكير في تكتيكات الجيش والشرطة وإستراتيجيتهما في مواجهة الجماعات المسلحة. ولكن هذه الأفكار لا تجعل من الفرد منتميا لجماعة الإخوان، أو معاديا للدولة ومؤسساتها. على العكس، هذه أفكار تنم عن حس وطني عميق، فهي نابعة من إدراك لما يواجه هذا الوطن من أخطار، ومن إحساس بالمسؤولية يحتم على حامل هذه الأفكار المخاطرة بالتعبير عنها على أمل فتح نقاش مجتمعي حولها. فنحن كلنا قلقون على مستقبل البلد، ومرعوبون مما نشاهده يوميا من فظائع ترتكب في البلدان المجاورة. مشكلة إسماعيل أنه لم يدع تلك المخاوف تكبله، ولا استسلم لخزعبلات المؤامرات الأجنبية، ولا قرر أن يخلد إلى الراحة والدعة تاركا الأمر لـ "أولي الأمر"، بل اجتهد وتعب وشارك بعلمه وبقلمه.
فأقل ما يمكننا عمله اليوم أن نقف متضامنين مع اسماعيل الإسكندراني في محنته، وأن نطالب بالإفراج الفوري عنه وعن الآلاف غيره من خيرة هذا الشعب وأطهره، الذين يقبعون في السجون لا لشيء إلا لحلمهم بوطن حر آمن ومستقر

#الحرية_لاسماعيل_الإسكندراني

*مؤرخ وكاتب وأستاذ جامعي
النص منشور على صفحة خالد فهمي على فايسبوك  

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

في مصر يمكنك فقط الاختيار بين سجن صغير وآخر أكبر

إيمان عوف 2024-12-09

تحوّل القانون رقم (73) لسنة 2021، الذي يتيح فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات، إلى أداة لملاحقة العمال والنشطاء النقابيين العماليين، والنشطاء السياسيين والصحافيين. وعلى الرغم من اعتراض النقابات والجهات الحقوقية على...