فريق دفن الجثث المجهولة

حيثما يشتعل سعير الحرب تشتعل النيران وتترامى الجثث في أطراف المدينة. اجتمع شبابٌ متطوّعون يجمعهم منديل كشفيّ وعهد وشريعة، وأيدٍ تمتدّ للمساعدة. بصمت لبّوا النداء تطوّعاً لمدينة يعشقونها، فوجدوا أنفسهم بين ثلاجة موتى مكتظّة بجثث مجهولة الهوية أصرّوا على دفنها رغماً عن نار القذائف. في بنغازي الموتى هم ضريبة حرب مناطق النزاع والاشتباكات المسلّحة. لم يتمكّن من انتشال الجثث من تلك المناطق
2015-09-10

شارك

حيثما يشتعل سعير الحرب تشتعل النيران وتترامى الجثث في أطراف المدينة. اجتمع شبابٌ متطوّعون يجمعهم منديل كشفيّ وعهد وشريعة، وأيدٍ تمتدّ للمساعدة. بصمت لبّوا النداء تطوّعاً لمدينة يعشقونها، فوجدوا أنفسهم بين ثلاجة موتى مكتظّة بجثث مجهولة الهوية أصرّوا على دفنها رغماً عن نار القذائف.
في بنغازي الموتى هم ضريبة حرب مناطق النزاع والاشتباكات المسلّحة. لم يتمكّن من انتشال الجثث من تلك المناطق إلاّ شباب الهلال الأحمر الليبيي، يخرجون تباعاً بجثث مجهولة الهوية، لا مكان في المدينة يستقبلهم إلاّ ثلاجة مستشفى بنغازي الطبي. الحرب في أوجها بين الطرفين والجثث امتلأت بها ممرّات العبور بين الأقسام، ومن بينها جثث متحللة تفوح روائحها الكريهة. قرر هؤلاء الشباب أخذ الإذن وإبلاغ إدارة المستشفى والبدء فوراً بخطة عمل منظمة لدفن أكوام الجثث المجهولة.
يحدثني القائد الكشفي نور الدين مخلوف، أحد الشباب المتطوعين، بأن العمل لم يكن سهلاً كما توقعوه، ولكن العزيمة كانت هي البوصلة. فقد قاموا بحصر كل مجموعة على حدا، ثم قاموا بمساعدة الطب الشرعي بأخذ عيّنات DNA وتصوير كامل لكلّ ما هو موجود مع الجثة المجهولة مثل الحذاء أو الساعة أو سلسلة أو خاتم... ثم غسل الجثة تغسيلاً شرعيّاً وتكفينها ومنحها رقماً في القائمة... ويتمّ نشر الصور على لوحة خاصة بالمفقودين لتسهيل البحث على ذويهم حتى مرحلة الدفن...

من مدوّنة "أحلام البدري"