لم يرد ذكره في كتاب الوردي "لمحات من تاريخ العراق الحديث". وهو لا يسرد سفراته وإقامته كسائح أو عابر أو زائر. إنما يُحدّثك كعارفٍ بالمكان وأحواله وأهله. له في كل عهد من العهود التي عاصرها في العراق وحكوماته ذكريات وسرد وتلميحات.. له رؤياه ورؤيته، حسب إقامته وتسهيل سفره من حدود بيته حتى كربلاء، محل إقامته في الذاكرة والأهل والزيارة. يُحدثك عن فيصل الأول والثاني، وعبد الإله، والملك غازي، ويذكر أيضاً الزعيم عبد الكريم بضحكات وحكايات وأزمنة وأشخاص، ويتندر على عبد السلام وأخيه عبد الرحمن، وربما يعيد ذكر الهوسة "صعّد لحم ونزّل فحم"، ويضحك بهوسة نوري السعيد والقندرة، وگيطان صالح جبر. ويصل بسرده إلى مرحلة البكر. ولكن عندما تسأله عن فترة صدام حسين، يخفت حديثه تباعاً، ولا يحب زمن غيابه أيام الحرب الإيرانية. وكما شعّت عائشة البياتي في أشعاره، هو أيضاً زيّنَ ذكرياته بأم عباس، وكأنها سليمة مراد باشا زمانها. في الحرب الأولى، بقي على حياده، ولم تكن ميولاته إيرانية الهوى. ولكن في يوم سقوط بغداد ودخول الأمريكان قال كلمة الخبير والعارف بالمكان العراقي: لا يحكم العراق إلاّ رجل مسبّع ببوله.
*حيي إبراهيم من الأهل، زار العراق بعد الاحتلال لمرةٍ واحدة، ولم يطل الإقامة. ولما سألناه، قال بلهجتنا السنسكريتية: "ما يازت ليي"، أي ما جازت لي.
من صفحة HASAN DABEL على فايسبوك