توصلت مصر في شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي إلى اتفاق مع اليونان لإرسال 5 آلاف عامل زراعي للعمل في المزارع اليونانية خلال الموسم الجديد. الاتفاق الذي كان ينص على إرسال مصر 2000 عامل فقط، قد رفع إلى 5000 بعد المفاوضات بين البلدين، بحسب ما ذكرت صحيفة "كاثمريني" اليونانية، مشيرة إلى أن أثينا تجري مفاوضات في الوقت الحالي مع دول أخرى مثل فيتنام والهند والفليبين، لاتفاقات مماثلة من أجل سد العجز في العمالة والبالغ 50 ألف عامل.
تأخر الإعلان من الجانب المصري عن هذه الصفقة، حتى توقيع اتفاقية بين البلدين خلال لقاء بين وزيري الخارجية، في 23 تشرين الثاني /نوفمبر، بشأن العمالة الموسمية، والذي يفتح الباب لعمل المصريين بشكل قانوني في اليونان.
خلال الأعوام الأخيرة، ومع حاجة البلد الماسة للعملة الصعبة، تحولت الحكومة المصرية إلى "مقاوِل" يتولى مسؤولية البحث عن وظائف للمصريين خارج البلاد. تنشر الحكومة المصرية إعلانات وظائف في اليونان والكويت والإمارات والسعودية وحتى ليبيا، أو تعلن عن التوصل لاتفاقيات مع هذه الدول لإرسال عمالة مصرية إليها.
تَسبّب تفاقم الأزمة المالية في مصر منذ أزمة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، في التوقف الكلي أو الجزئي للعديد من المشروعات العقارية العملاقة للسلطة الحالية التي تستهلك عمالة كثيفة، لينضم العديد من هؤلاء العمال إلى صفوف البطالة. أدت التداعيات أيضاً إلى هروب الأموال الساخنة (1) القادمة عبر القروض وبيع السندات.
وللبحث عن حلول، لجأت الحكومة إلى تعزيز أهم مصدر للعملة الصعبة للبلد: العمّال في الخارج. وهي تأمل في تزايد حجم حوالاتهم الدولارية. خلال العقد الأخير، أصبح المصريون في الخارج المصدر الرئيسي للدولار اللازم لسداد ديون الدولة، وشراء الاحتياجات أو تمويل المشروعات العملاقة، في ظل فشل السلطة في تحسين مصادر الدخل الأخرى بالعملة الصعبة، لاسيما التصدير والسياحة.
يحتفي إعلام الدولة دائماً بالأرقام القياسية لتحويلات المصريين في الخارج. خلال العام المنقضي، كشفت أرقام البنك المركزي المصري أن تحويلات المصريين في الخارج سجلت 31.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021-2022، قبل أن تسجل 20.9 مليار دولار، خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، وهو أعلى دخل بالدولار للبلد، متساوياً مع الصادرات غير البترولية.
مع تعثر الحكومة في سداد ديونها الدولارية خلال العام الحالي، توجهت أنظارها مباشرة إلى المصريين في الخارج ودولاراتهم المغرية. في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أطلقت مبادرة، قبل تحويلها إلى قانون رسمي، يسمح للمصريين بالخارج بإرسال سيارات إلى مصر معفاة من الضرائب والجمارك، شريطة وضع وديعة بالدولار بقيمة تتخطى ثمن السيارة نفسها، ولا يمكن استردادها إلا بعد 5 أعوام وبالعملة المحلية. واعتبرتها حلاً بديلاً لتوفير الدولارات اللازمة للدولة، بعدما أصبح الاعتماد على "الأموال الساخنة" غير متاح، مع رفع الولايات المتحدة الفائدة على الدولار.
دولارات على "جثث المواطنين"
على الرغم من هذا السعي الحثيث إلى جني دولارات المصريين في الخارج وإرسال المزيد منهم للعمل في دول أخرى، لا تضع الحكومة في بالها المخاطر الجمة التي تواجه العمالة المصرية في هذه الدول، أو الظروف غير الآدمية التي ترسلهم إليها، كما لا توفّر مظلة حماية قانونية وصحية تمنع استغلالهم.
مع توصل الحكومة المصرية لاتفاق مع اليونان، لم تفكر في الوضع المزري في مزارع هذه الدولة التي سترسل إليها العمال. تكشف منظمات حقوقية وتقارير إعلامية أن العمال الأجانب في مزارع اليونان دائما ما يعيشون في "ظروف عمل قاتلة"، إذ أنهم يتعرضون للاستغلال والعمل القسري لساعات طويلة على مدار الأسبوع دون إجازات. ووفق التقارير والشهادات، فإنه يتم وضعهم في معسكرات من أكشاك بلاستيكية تفتقد للمقومات المعيشية، حيث ينامون على الأرض ولا تتوفر لديهم مراحيض ولا مياه شرب ولا كهرباء. ويقول بعض العمال إنه "يتم معاملتهم أسوأ من الحيوانات"، حيث ينالون مرتبات أقل من المتفق عليه، ويعانون من الحمى والربو وأمراض الجهاز التنفسي، بسبب البرد الشديد. أما من يجرؤ على الاحتجاج، فإنه يواجه بالترحيل أو الرصاص.
يحتفي الإعلام الرسمي المصري دائماً بالأرقام القياسية لتحويلات المصريين في الخارج. خلال العام المنقضي، كشفت أرقام البنك المركزي أن تحويلات هؤلاء بلغت 31.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021-2022، قبل أن تسجل 20.9 مليار دولار خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري، وهو أعلى دخل بالدولار للبلد، متساوياً مع الصادرات غير البترولية.
في عام 2013، أطلق صاحب مزرعة للفراولة في اليونان ومعاونوه الرصاص على 150 عامل بنغلاديشيا، احتجوا على ظروف عملهم، بعد إجبارهم على العمل دون إجازات ودون دفع أي تعويض. وتسبب الحادث في إصابة 30 منهم. وقضت محكمة يونانية بتبرئة صاحب المزرعة من أي تهم، وتغريم معاونين اثنين فقط بتهمة التسبب في "أضرار جسدية خطيرة" لآخرين، دون سجن.
منصة "سجل نفسك"
لكن الحكومة لا تلتفت إلى هذه التقارير أو الى معاناة العمال في الخارج. في آذار/ مارس 2021، أطلقت الحكومة منصة "سجّل نفسك" لمساعدة العمال في إزالة أي عوائق تواجههم، وتوفير فرص عمل أخرى في الدول التي يعملون فيها، إضافة إلى منصة "فرصة عمل في الخارج" لمساعدة المواطنين في مصر لتسجيل بياناتهم وتسليمها إلى القنصليات المصرية لتقديمها لجهات العمل.
في بداية أيار/ مايو 2022، وبمناسبة عيد العمال، احتفت وزارة القوى العاملة بإنجازاتها في تسفير المصريين للعمل، معلنة أنها استطاعت توفير 848 320 ألف عقد عمل للمصريين خارج الحدود.
يتحسر محمد عادل (اسم مستعار بناءً على طلبه) على تجربته المريرة والمذلة التي عاشها في الكويت حتى العام الماضي. فبعد تعرضه للاستغلال من إحدى الشركات وإجباره على العمل لمدة 6 شهور بدون راتب خلال أزمة كورونا، طلب محمد من رئيس عمله تسليمه جواز السفر كي يعود إلى مصر. لكن صاحب العمل رأى في تصرف العامل تحدياً له، فأودعه السجن لمدة 4 أشهر. وبفضل وسطاء، قبل صاحب العمل بإطلاق سراح محمد وتسليمه جواز السفر شريطة أن يأتي ويقبل يديه، ووضع اسمه على القائمة السوداء حتى لا تطأ قدماه مرة أخرى الكويت. كل هذا تم دون تدخل السفارة المصرية، على الرغم من الاستغاثات التي وصلتها والتي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حينها. يقول محمد (2) "الوضع كان كارثياً خلال كورونا، تم إجبارنا جميعاً على العمل لأشهر متتالية دون إعطائنا رواتب. اضطررت للاستدانة لأستطيع العيش، وكل مرة أطالب بمستحقاتي، يتم تهديدي بتسليمي للشرطة". ويضيف: "للأسف السلطات المصرية تتاجر بنا، كل ما يهمها هو إرسال المصريين للخارج من أجل جلب العملة الصعبة مهما كان الثمن، أو إزالة حمل مِن على عاتقها بتوفير عمل للمواطنين، دون أن تتحرك لمساعدتهم إذا احتاجوا لهذه المساعدة". عشرات القصص لمعاناة أقرانه من المصريين خلال رحلته في الكويت كانت تنبّئ محمد بأن نهاية رحلته في هذه الدولة لن تكون سارة. شاب يتعرض للدهس مرتين بسيارة مواطن كويتي، وزميل آخر يتعرض للضرب في مكتب خدمة عملاء، وبدلاً من إنصافه ومحاكمة ضاربه، يتم فصله عن العمل.
ثمنٌ للرفاه في بلدان الخليج
18-09-2013
عشرات الحالات من الاعتداءات والقتل يتم تسجيلها سنوياً بحق عمال مصريين، تمر في الغالب دون عقاب. وفي 21 تشرين الثاني / نوفمبر الفائت، اتفقت اللجنة العمالية المصرية - الكويتية على وضع ضوابط لتسهيل استقدام العمالة المصرية إلى الكويت. يتذكر محمد أحد الإعلانات التي نشرتها وزارة القوى العاملة في آذار/ مارس 2019 لإرسال 50 عاملاً مصرياً للعمل في إحدى شركات البناء الكويتية، برواتب تبلغ 8000 جنيه مصري فقط (أي ما يعادل وقتها 462 دولار). "تخيل، تغترب عن بلدك، وتعيش في ظروف عمل قاسية ومهينة، مقابل 462 دولار فقط".
ومن الكويت إلى ليبيا، تحلم مصر بالحصول على جزء من كعكة إعادة إعمار هذه الدولة التي لا تتوقف عن الانهيار. يحضر في خيالها الدور السابق للمصريين في اقتصاد الجارة القريبة والأموال الضخمة المحولة وفرص العمل الكبيرة التي حظي بها المصريون إبّان عهد معمر القذافي. لا تنتظر الحكومة هدوء الوضع هناك لترسل العمال المصريين، على الرغم من تكرار عمليات الاختطاف التي طالتهم خلال العامين الأخيرين. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت وزارة القوى العاملة إيفاد 37 عاملاً إلى مصحة طبية في منطقة "تاجوراء" بالقرب من العاصمة طرابلس، دون الالتفات للخطر الذي يحدق بهم. حاولت إغراء المواطنين للتقدم: كيف سيرفضون وظيفة في عنوانها: راتبٌ يعادل 20 ألف جنيه مصري (813 دولار)، رقم لن يحصلوا عليه في مصر. ومصيرهم؟ الأعمار بيد الله!
ففي أيلول/سبتمبر الماضي، ضبطت أجهزة الأمن الليبية عصابة تختطف العمال المصريين الوافدين في بنغازي، بهدف طلب الأموال من أهاليهم. وفي الشهر السابق عليه، أعلن الجيش الليبي تحرير 5 مصريين مختطفين من قبل عصابات الاتجار بالبشر في مدينة "بني وليد"، مؤكداً أن الضحايا تعرضوا للضرب والتعذيب خلال مدة احتجازهم. ثم في حزيران/ يونيو الفائت، أفادت الأجهزة الأمنية الليبية عن تفكيك عصابة اختطفت عمالة وافدة، من بينهم مصريون، بهدف إجبار أسرهم على دفع فدية لتحريرهم. وفي نيسان/ابريل 2021، اضطرت أسر 5 مصريين لدفع فدية بعد اختطاف أبنائهم في ليبيا، وتهديدهم بالقتل. قبلها بشهرين، تعرض 38 مصرياً للاختطاف على مقربة من طرابلس. تنتشر أخبار الاختطاف بشكل أسبوعي لكن الحكومة المصرية تقابلها بالتجاهل، دون مساعدة من يتعرضون للاختطاف أو التوقف عن إرسال العمالة.
عمالة على حساب "المواطن"
في الوقت الذي تواجه مصر نقصاً كبيراً (3) في الأطباء والعاملين في القطاع الطبي، جراء تفضيل الأطباء والممرضين السفر للخارج للحصول على رواتب مرْضية، والهروب من جحيم المستشفيات العامة التي تعطي رواتب بائسة وغير كافية للعيش، وبدلاً من البحث عن حل لمشكلة نزيف الأطباء، تساهم الحكومة في تعميق الأزمة عبر إرسالها بنفسها هؤلاء الأطباء إلى الخارج.
تحلم مصر بالحصول على جزء من كعكة إعادة إعمار ليبيا التي لا تتوقف عن الانهيار. يحضر في خيالها الدور السابق للمصريين في اقتصاد الجارة القريبة والأموال الضخمة المحولة وفرص العمل الكبيرة التي حظي بها المصريون إبّان عهد معمر القذافي. لا تنتظر الحكومة هدوء الوضع هناك لترسل العمال المصريين، على الرغم من تكرار عمليات الاختطاف التي طالتهم خلال العامين الأخيرين.
في أيلول /سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة القوى العاملة توفير عقود لأطباء وممرضات وصيدلانيين من ذوي الخبرات، للعمل في إحدى المؤسسات الطبية في الإمارات. وتحت عنوان "فرص عمل برواتب مجزية"، تَفاخَر وزير القوى العاملة حينها، بتوفير وظائف للكوادر الطبية برواتب تتراوح بين 16 ألف و50 ألف ريال سعودي، ومزايا أخرى. وبالعودة إلى الكويت، في آذار/ مارس الماضي، نشرت وزارة القوى العاملة إعلاناً لتوفير عقود عمل لممرضات للعمل بإحدى المؤسسات الطبية في هذه الدولة، واشترط التعاقد، أن تكون الممرضات خريجات جامعات مرموقة وصاحبات خبرة لا تقل عن 4 سنوات. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2021، وجّهت الحكومة نداءً لإرسال 58 طبيباً من مختلف التخصصات للعمل في ليبيا.
فشل مبادرة "مراكب النجاة"
في الحملة الإعلامية لمبادرة "مراكب النجاة" العام 2021 التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لمناهضة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، يحذر المتحدث من مخاطر الهجرة والأهوال التي يلقاها الشباب خلال سفرهم وتحولهم إلى عمالة رخيصة تتعرض للإهانة في بلاد أخرى ثم انجرارهم إلى طريق المخدرات، ليؤكد بعدها، "حلمك مش صعب تحققه في بلدك ووسط أهلك وناسك". تغنت الحكومة بالنتائج الإيجابية لهذه المبادرة عن طريق توفير التدريب على العمل حتى لا يلجأ الشباب إلى الهجرة. غير أن أرقام الهجرة غير النظامية المتزايدة بشكل غير مسبوق خلال العامين الأخيرين تكشف أن هذه المبادرة لا تتعدى كونها "دعاية" لإرضاء الممول: الاتحاد الأوروبي. لا يهم الحكومة المصرية نجاح أو فشل المبادرة، المهم الإعلان عن إطلاقها ووصول الخبر إلى آذان الجانب الآخر من المتوسط.
تظهر الأرقام التي نشرتها "منظمة الهجرة الدولية" أن عدد المهاجرين المصريين في ليبيا خلال العام الماضي، بانتظار الانتقال إلى الجانب الآخر من المتوسط، كان أكثر من 117 ألفاً، ويشكلون 18 في المئة من إجمالي المهاجرين. إلى جانب ذلك، تنتشر أخبار الموت غرقاً خلال عبور البحر أكثر من أي وقت مضى. في 4 تشرين الثاني / نوفمبر الفائت، استيقظ أهالي قرية "كوم زمران" بالبحيرة، شمالي الدلتا، على خبر كالصاعقة، حوّل البلد إلى سرادق عزاء: 17 شاباً من أبناء القرية غرقوا خلال محاولة جماعية للهجرة غير النظامية الى اليونان. في أيلول/ سبتمبر الماضي، توفي 12 شاباً من قرى بمحافظة الفيوم، وسط مصر، في غرق مركب هجرة أمام سواحل ليبيا. قبلها بأيام، لقي 9 مهاجرين مصريين من قرية "الحوض الطويل" بمحافظة الشرقية حتفهم بعد غرق قارب على متنه 27 مهاجراً انطلق من الشواطئ الليبية.
تغنت الحكومة بالنتائج الإيجابية لمبادرة "مراكب النجاة" بتوفير التدريب على العمل حتى لا يلجأ الشباب إلى الهجرة. غير أن أرقام الهجرة غير النظامية المتزايدة خلال العامين الأخيرين تكشف أن هذه المبادرة لا تتعدى كونها "دعاية" لإرضاء الممِّول: الاتحاد الأوروبي. لا يهم الحكومة المصرية نجاح أو فشل المبادرة، المهم الإعلان عن إطلاقها ووصول الخبر إلى آذان الجانب الآخر من المتوسط.
تعتمد مصر استراتيجية أمنية في التعامل مع الهجرة: تغلق الشواطئ أمام المهاجرين، لكن لا تحاول حل المشكلة الجذرية التي تدفع الشباب للمخاطرة بحياتهم دون تردد. يعثر الشباب على طريق آخر للوصول إلى حلمهم على الجانب الآخر من المتوسط. لا شيء يشجعهم على البقاء في بلدهم، فقد ازداد الوضع سوءاً خلال الفترة الأخيرة
يلجأ الشباب المصري إلى الشواطئ الليبية فيما تتفاخر مصر أمام الاتحاد الأوروبي بعدم خروج مهاجر واحد من الشواطئ المصرية التي باتت مترّسة بفرقاطات خفر السواحل. لا ينسى الاتحاد الأوروبي مكافأة من يخدمه في هذا الملف الحساس، وتعرف مصر كيف تداعب أحلام الأوروبيين لاستمرار الحصول على تمويلهم. في منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، أقرّت المفوضية الأوروبية مساعدة بـ 80 مليون يورو لصالح خفر السواحل المصرية لتمويل وشراء معدات "البحث والإنقاذ والمراقبة الحدودية البرية والبحرية".
تعتمد مصر استراتيجية أمنية في التعامل مع الهجرة: تغلق الشواطئ أمام المهاجرين، لكن لا تحاول حل المشكلة الجذرية التي تدفع الشباب للمخاطرة بحياتهم دون تردد. يعثر الشباب على طريق آخر للوصول إلى حلمهم على الجانب الآخر من المتوسط. لا شيء يشجعهم على البقاء في بلدهم، فقد ازداد الوضع سوءاً خلال الفترة الأخيرة. في مصر ما بعد 2014، كانت للسلطة أهداف واضحة ليس لهم وجود فيها: الربح المالي السريع على حساب الإنتاج والتصنيع الدولتي، دون النظر إلى التأثير الكارثي لذلك التوجه على المجتمع. ربما تصدّر السلطة صورة الممتعض من الهجرة غير النظامية، لكنها في الحقيقة قد تكون فرحة بداخلها، فهي أكبر المستفيدين من تزايدها. فلو وصل الشباب إلى البر الآخر من البحر المتوسط، ونجوا من الموت، فسوف يرسلون حوالاتهم بالعملة الصعبة إلى مصر، أو سيخففون الحمل عنها بمطالب توفير فرص عمل لهم.
1 - المال الساخن هو مصطلح يستخدم على نطاق واسع في الأسواق المالية للإشارة إلى تدفق رؤوس الأموال من دولة إلى أخرى لكسب فائدة بسيطة على سعر الفائدة لتغيير سعر الصرف، وقد أطلق عليها هذا الاسم لسرعة تحرك الأموال داخل وخارج الأسواق.
2 - في لقاء مع الباحث
3 - تُظهِر الأرقام أن مصر توفر8.6 طبيباً لكل 10 ألاف مواطن.