مجموعة جنودٍ يقفون عند نقطة تفتيش. تقترب الكاميرا من وجه أحدهم. يبدو من ملامحه أنّه لم يتجاوز العشرين. يتثاءب. تتركه الكاميرا وشأنه. يظهر الآن في الشارع باص صغير يقترب من مكان تمركز الجنود. يوقفه المجنّد المتثائب ويطلب هويّات الرّكاب. يتمعّن في إحدى الهويّات ثمّ يطلب من صاحبها النّزول. يقتاده نحو الضابط المسؤول الّذي يُعْلمه أنّه منذ هذه اللحظة بات معتقلاً. يحاول الرّاكب أن يفهم السّبب. لا تفسير. يحاول أن يشرح للضابط أنّه يجب أن يصل إلى المدرسة حيث ينتظره طلّابه كالمعتاد. لا يبدو أيّ تعبير على وجه الضابط. يضع الراكب يده في جيبه. يتأهّب الضابط ويضع يده على مسدّسه. يُخرج الرّاكب من جيبه قطعة بلاستيك حمراء. يثبّتها على أنفه، ويبتسم ابتسامة عريضة جدّاً. تنتقل الكاميرا إلى وجه الضابط الذي يبدو عليه طيف ابتسامةٍ يكبحه بسرعة ثمّ يأمر المجنّد أن يقتاد صاحب الابتسامة العريضة جدّاً إلى مركز الاعتقال.
طاولة عليها قطعة بلاستيك حمراء ساكنة. يرافق الصورة صوت شابّ يتحدّث صاحبه عن بداية علاقته مع المسرح وقراره أن تكون مهمّته في الحياة إضحاك الأطفال أولاً وغير الأطفال تالياً.
مهرّج يقف على المسرح ليحيي الجمهور بعد انتهاء عرضه. صوت تصفيق وصفير يعلو من كلّ مكان. تصعد طفلة على الخشبة مع والدها. يقول الوالد للمهرّج إنّ ابنته تودّ أن تقول له شيئاً.
- أنا أحبك. شكراً لك لأنّك تجعلنا نضحك.
ينحني المهرّج ويقبّل يد الطّفلة.
الطاولة مجدّداً. قطعة البلاستيك الحمراء تتحرّك بفعل أصابع لا نرى سوى كفّ صاحبها. تبتعد الكفّ وتواصل قطعة البلاستيك دورانها على الطّاولة.
- تقبيل اليد ليس من عاداتنا حتّى أنّني لم أعتد يوماً تقبيل يد أمّي..
قطعة البلاستيك ساكنةٌ مجدّداً. الأصابع تتقدّم لتحرّكها.
- ليس حتميّاً علينا أن نعيش ظروفاً سيّئة قبل أن نصل إلى حياة جميلة. يمكننا جعل حياتنا جميلة بأن نساعد بعضنا.
طفل يقف على أرجوحة ووجهه غارق في ضحكة سخيّة تشبه كلّ ما في الطفولة من فرح..
- أنا أحبكّ جدّاً جدّاّ، وأشتاق إليك جدّاً جدّاً. حزنت عندما علمت أنك معتقل.
- ما بكم؟! ألم نتّفق أنّ هذا مخيّم صيفيّ وأنّ علينا أن نستمتع به إلى أقصى حدّ قبل أن نعود إلى منازلنا؟
ينتهي الفيلم. يخيّم الصمت على القاعة ثوانٍ عدّة قبل أن تُسمع ضحكةٌ، تتلوها ضحكات، قبل أن تنفجر القاعة كلّها بالضحك.
في 15 كانون الأول/ديسمبر 2015 اعتقل الإسرائيليون المهرّج ومدرّب السيرك في مدرسة فلسطين للسيرك. وهو إلى الآن محتجز إدارياً من دون أن توجّه له أيّ تهمة، وقد رفضت المحكمة العسكرية الاستئناف في قضيته آخر شهر آذار/ مارس الماضي. اسمه محمدّ أبو سخّا.
للتوقيع على عريضة للمطالبة بالإفراج عن محمد أبو سخّا