لا يسع المرء تعداد أية إيجابيات لمسألة التغير المناخي الكارثية على الكوكب أجمع، إلّا أنّ لها بعداً واحداً مثيراً للاهتمام يتمثّل بكشف الأرض والمياه عن مكنوناتها الغابرة في أماكن معينة. ففي إقليم كردستان شمال العراق، اكتُشف موقع أثري في حوض نهر دجلة الذي انحسرت مياه النهر فيه. وقد أعلنت دائرة الآثار في محافظة دهوك في آخر أيار/ مايو 2022 عن بدء عمليات البحث والتنقيب في الموقع الذي يضمّ مجموعة من المباني متعددة الطبقات والأسوار الحجرية، بالإضافة إلى قصر وأكثر من مئة لوح كتابة مسمارية.
عودة "جلجامش الحلم" إلى العراق
07-10-2021
يستغل علماء الآثار والباحثين في هذه الأثناء النافذة الزمنية الضيقة ما بين انحسار مياه دجلة في هذه المنطقة (منذ كانون الأول/ ديسمبر 2022) وعودتها المحتملة نتيجة ذوبان ثلوج تركيا في هذا الصيف لدراسة عشرات الملامح الهامة لهذه المدينة "السرية". يقوم فريق مشترك من العلماء من إقليم كردستان وألمانيا بالتحقق والتوثيق والبحث بشكل حثيث، وبحسب مدير دائرة الآثار في دهوك، بيكس بريفكاني. فهي تعود إلى عصر الإمبراطورية الميتانية (1400 عام قبل الميلاد)، مُرجّحاً أنّ تكون المدينة المكتشفة هي نفسها "زاخيكو" التي ورد ذكرها في النصوص البابلية، والتي شكلت مركزاً حضرياً مهماً للامبراطوية الميتانية (من العصر البرونزي) حوالي 1550 إلى 1350 قبل الميلاد.
وجد الباحثون خمس أوانٍ من السيراميك تحوي ألواحاً من الكتابات المسمارية محفوظة بشكل مذهل وبحالة جيدة، وهو ما وصفه منقّبون من جامعة توبينغن الألمانية بـ"المعجزة"، نظراً لأن المدينة شهدت زلزالاً كبيراً وبقيت لآلاف السنين تحت الماء بشكل كلي.
هذا الجهد البحثي هو ضروري الآن بالذات، حسب المعنيين، لأن انحسار المياه ثم غمرها للآثار من جديد هو عامل مضرّ جداً بسلامة هذه الآثار وبقائها، وقد يضيع تماماً قسماً منها أو يؤدي لأن تكون دراستها أكثر صعوبة وكلفة.
العراق جنة ال"يوتيوبرز" وجحيم العراقيين
25-05-2022
وفي الواقع، فالعراق هو خامس أكثر دولة معرضة لنتائج تغير المناخ في العالم وفقاً للأمم المتحدة. وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى جعل البلاد أكثر جفافاً وأكثر عرضة للجفاف، ما يهدد الزراعة فيها وحياة الناس وأساليب عيشهم كذلك. وبحسب وزارة الموارد المائية العراقية، فاحتياطيات المياه في البلاد هي نصف ما كانت عليه قبل عام واحد فقط! يأتي هذا الوضع المقلق وغير المسبوق في تاريخ العراق بعد سنوات جفاف متعاقبة بين 2020 و2022، يزيدها سوءاً إقدام كل من تركيا وإيران على إنشاء سدود على روافد دجلة والفرات.