لماذا سيرتدع السفلة الذين يحكمون بلداننا في هذه المنطقة المنكوبة، طالما أن من يعتبرونهم أسياداً (لهم!) عبارة عن لصوص ونهابين... ومجرمين؟
كيف لجو بايدن أن يقرر – ب"مرسوم تنفيذي"! - الاستيلاء على الأموال العائدة للبنك المركزي الافغاني (7 مليار دولار)، والمودعة في الولايات المتحدة؟ وهذه احتلت أفغانستان وحكمتها منذ تشرين الأول/اكتوبر 2001، وقد صمت آذانها تماماً عن كل التقارير المرعبة وجلها امريكية واوروبية التي تحدثت عن انتشار الجريمة وتوسع زراعة الافيون، وتشجيع الاتجار بالجنس، وكل الفساد الذي تناولته تلك التقارير المرعبة اشار الى تواطؤ قوات الاحتلال الامريكي مع شبكات الجريمة، حين لا تكون تلك القوات مصدره بالاصل. الخبث المقرف يريد ان يشير اليوم الى كل ذلك البؤس والنهب المتراسلين وكأنه مفاجآة، وكأنه حدث البارحة منذ انسحب الأبطال الأمريكان!
اندحار امبراطوري في أفغانستان
15-09-2021
السلاح زينة الرجال!
16-12-2021
بايدن كان بدأ بتجميد أموال الخزينة الافغانية عند انسحابه من البلاد في 17 آب/اغسطس الفائت، ثم أعلن عن مصادرتها في 10 شباط/فبراير الجاري، وتحويلها الى الخزينة الامريكية. وأشار كذلك الى وجود مليارين ونصف المليار دولار أخرى مودعة في الإمارات وبريطانيا وسويسرا، فلعله يطلب من حلفائه هؤلاء تسليم ما لديهم له. وهو قرر ان يخصص نصف المبلغ المصادَر لتعويض ضحايا هجمات 11 ايلول/ سبتمبر 2001. ولا يدري بعد كيف سيساعد الشعب الأفغاني بالنصف الآخر، فهمّه كما أعلن هو ألاّ يصل مليم واحد الى طالبان! وهو يمتلك الوقت ليفكر بالأدوات والوسائل، ولا يهمه كثيراً ان منظمة اليونيسيف تتحدث عن خطر حياتي داهم يتهدد مليون طفل أفغاني، وعن "كارثة استثنائية". بل هو يقول بهدوء وادع إنهم "كانوا جوعى على أي حال". تماماً كما لا يهم هؤلاء جميعهم أن يموت أطفال اليمن، بل كل الشعب اليمني من الجوع والاوبئة، والنقص في كل شيء، ومن القصف، بينما يستمرون بتوريد الأسلحة الى الجهات التي تقصفه: فرنسا باعت منذ شهر الى الإمارات 80 طائرة "رفال" دفعة واحدة (مَن غير تلك البلدان يمكنه شراء هذه الكمية من الطائرات "كاش"؟ ستزغرد معامل انتاج الأسلحة الفرنسية من الصفقة التي وُصفت في الصحافة الفرنسية ب"التاريخية")، والتزمت بتغطية أجواء البلاد بطائراتها المقاتلة الخاصة، حماية وتضامناً. هذا بينما يقول المرسوم التنفيذي الأمريكي الذي أعلن عنه بايدن أن "الوضع في افغانستان يمثل تهديداً استثنائياً للأمن الوطني للولايات المتحدة ولسياستها الخارجية"! وهي الحجة. ولا يهم مدى تماسكها وقدرتها على الاقناع، إنما المهم انها كلام منمق. ثم وبعد حين، ولو وقعت عمليات ارهابية أو لو تدفق اللاجئون الى أوروبا، فسيستغرب القوم الحدث، ويحللونه وفق لحظة وقوعه. وهذه هي العقلانية بعينها!
لذلك كله، فلن نقف أمام رئيس وزراء لبنان الذي قال جملته البائسة: "منتحمل بعضنا"، في اشارة الى الوضع المريع للناس في لبنان. فلا عتب عليه حين يكون هؤلاء الانيقون يرتكبون ما يرتكبون. كما لن نقف أمام تزيين التوصل الى اتفاق مع البنك الدولي بخصوص لبنان، وكأنه كل المنى وطوق النجاة، بينما يعرف القاصي والداني أن البنك وصندوق النقد الدوليان قد أرسيا الجحيم حيثما حلا ك"منقذين"، بفضل خططهما التي طبقاها على مختلف بلدان العالم، ومنذ عدة عقود.
لبنان ذاك لم يعد موجوداً
27-01-2022
كيف الخروج من استعصاء أوضاعنا؟
11-11-2021
ولن نتوقف أمام ما يقال عن التغيير المأمول بفضل الانتخابات النيابية اللبنانية المزمع إجراؤها في أيار/مايو القادم في لبنان، والتي يُفترض ان تحمل "التغيير"، بينما هي موسومة بخاصيتين: أولهما أن أبناء وأحفاد الزعماء الميامين يتقدمون للترشح، وهم بوضوح أسوأ من آبائهم الذين أوصلوا البلد الى ما هو فيه، لأنهم من تلك الطينة نفسها مضافاً اليها صفات معيبة أكثر تقوم على كونهم "الجيل الثالث" حسب نظرية إبن خلدون، وبجدية أكثر بحكم التحلل التام من أي ضوابط وروابط اجتماعية، والإنهيار العام الذي سيطر على البلاد، وإنفلات كل المقاييس. وثانيهما أن هناك أسماك قرش جديدة وقزمة، ترى في الانتخابات العامة فرصة للنمو باعتبار الانحطاط العام، ومجدداً ضياع كل المقاييس. لم تصدر كلمة واحدة مفيدة عن أي طرف أو عن أي مرشح. هناك "عنتريات" بالطبع لا يملك اصحابها ادوات ووسائل تنفيذها. وهناك على العموم شعارات خاوية ومبتذلة، علاوة على بدائيتها المذهلة في بلد يُفترض أن للثقافة فيه – على الأقل – نصيب. اقرأوا اليافطات التي تملأ الشوارع وأحكموا! وهذا كله بينما تبقى العقد والمصائب الحقيقية كلها ماثلة وقد أثقلت التفاهة تلك أكتافها... ويضحك في الأثناء من لا يهمه مصير البلد إلاّ للاستمرار بنهبه له أو لاستخدامه كساحة – وهما أحياناً واحداً أو هما غالباً متطابقان. وأما بعد ذلك، فعلمه عند الغيب!