تم انتاج هذا المقال بدعم من مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المقال أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.
لنسمّها سارة. التقيتها في "منظمة حرية المرأة" في بغداد عام 2019. كانت تركض وتلعب مع اثنين من أصدقائها، تعلو وجهها الدائري ابتسامة طفولية. سارة عمرها 14 سنة. كانت قد أتت إلى المنظمة قبل أن ألتقيها بأيام قليلة تحمل طفلة رضيعة لم تبلغ بعد عامها الأول. والد سارة فشل في دفع دينٍ عليه، فقدم ابنته ذات الـ11 عاماً كدية لصاحب الدَّيْن. تزوجها الرجل زواج متعة حتى حملت منه، فلم يعد يرغب بها، وتركها للشارع حتى وصولها للمنظمة. طفلة تحمل طفلة. هي ليست القصة الأولى، ولا الأخيرة التي نسمع عنها عن قاصرات يزوجن بهذه الطريقة في العراق، وإن كانت سارة قد وجدت طريقها لمنظمة تحتويها هي وابنتها الرضيعة، فهناك الكثيرات ممن لا يجدن من يعتني بهن، وقد تكون نهايتهن أكثر مأساوية. فحسب إحصائية أجرتها وزارة التخطيط العراقية عام 2013 فإن ثلث المتزوجات في العراق كن قاصرات. وبنظرة سريعة على الأحداث التي جرت بعد سنة 2013 سيكون من المنطقي أن تزداد تلك النسبة.
غالباً ما ترتبط مصائر النساء بالحروب، فيكنّ أكثر من يدفع أثمانها، وتُمارس ضدّهن أشكالٌ مختلفة من العنف المجتمعي والسياسي والاقتصادي، وهن أكثر مَن تُهمّش حكاياتهن فيما بعد. ولفهم حضور النساء من كل الأعمار والشروط الاجتماعية والمناطق في ساحات التحرير طوال "انتفاضة تشرين"، نراجع ما مورس بحقهن خلال السنوات التي سبقت الانفجار الكبير.
I - حروب الدكتاتور
زج صدّام حسين العراق في حرب مع إيران استمرت لثماني سنوات (1980 - 1988) وصل عدد ضحاياها إلى أكثر من مليون قتيل من الطرفين، مخلّفة بذلك الكثير من الأرامل والأيتام والثكالى. ووقع ثقل العراق الاقتصادي، الذي استنزفته الحرب، على كاهل النساء اللواتي شكلن في ذلك الوقت أغلب القوة العاملة في البلد، بعد أن أجبر الشبان الذكور على التوجه إلى جبهات القتال. قامت العراقيات بإدامة عجلة الإنتاج الاقتصادي في كل القطاعات، من تعليم وصحة وزراعة وصناعة وغيرها. وأصبحت المرأة أيضاً المعيل الوحيد للاسرة العراقية، سواء تكونت تلك الأسرة من أطفال، أو من والدَين مسنين.
قرر صدّام مجدداً حل خلافاته بالعنف والاستعراض الذكوري. مرة عندما عاقب معارضيه بإبادة قرى بأكملها في كردستان بالسلاح الكيمياوي، وأخرى بمغامرة احتلال الكويت عام 1990 بسبب رفضها إعفاء العراق من دين اقترضه لتمويل حربه مع إيران. فأخذ العراق إلى حرب ثالثة مع قوات "التحالف" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي اسمتها "درع الصحراء" (آب/أغسطس 1990- شباط/فبراير 1991). وقد أدت هذه الحرب إلى تدمير البنى التحتية للعراق، وإلى حصار اقتصادي استمر منذ الحرب وحتى 2013، وأنهك البلاد اقتصادياً واجتماعياً.
كانت إحدى حجج صدّام التي روجها لاحتلال الكويت، هي أن مسؤولاً كويتياً أهان "الماجدات العراقيات"، حتى أصبح بعد ذلك مصطلح "ماجدة" مادة للسخرية والتهكم من المرأة العراقية سواء داخل العراق أو خارجه.. في الوقت ذاته الذي كان فيه ابنه البِكر عدي يتصيّد الفتيات الجميلات في شوارع بغداد ونواديها ومدارسها وجامعاتها، مستغلاً سطوته وقدرته المخيفة على البطش بأي كان، ليجبر بعضهن على إقامة علاقات أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها كانت اغتصاباً متكرراً وعلى مدًى طويل من الزمن.
إرث الموت.. جغرافيا المقابر الجماعية في العراق
20-04-2020
البكاءات العالية.. عن أحزان المرأة العراقية
15-05-2020
قضى الحصار المديد على الطبقة الوسطى في العراق برمّتها. فهاجر من استطاع، وبقي من لم يستطع للفقر والعوز. كانت النساء العراقيات بكل أطيافهن أكثر مَن تضرر من الحصار. فبدل أن يُحتفى بهن كمنقذات لاقتصاد البلاد خلال سنوات الحرب الطويلة مع إيران، ألغى النظام، وبحجة الحصار الاقتصادي، معظم برامج التمكين الاجتماعية والاقتصادية، وتسهيلات العناية بالأطفال التي كانت سابقاً تقدم للموظفات، إضافة إلى برامج محو الأمية والتوعية، والضمان الاجتماعي. فدفع ذلك بالمرأة إلى البطالة والعودة مرة أخرى للدور التقليدي في البيت. وبعد أن كانت المرأة العراقية تشكل 23 في المئة من القوى العاملة في البلاد قبل عام 1991 - النسبة الأعلى في دول المنطقة - انخفضت النسبة، حسب تقارير الأمم المتحدة لعام 2000 إلى 10 في المئة. دفع الفقر بعضهن للوقوع تحت رحمة تجار الجنس، حتى بدأ هؤلاء بتصدير النساء والفتيات القاصرات والمتاجرة بهن في دول عربية وغير عربية.
ثلث المتزوجات في العراق قاصرات، بحسب إحصائية أجرتها وزارة التخطيط العراقية عام 2013. وبنظرة سريعة على الأحداث التي جرت بعد سنة 2013، سيكون من المنطقي أن تكون تلك النسبة قد ازدادت. وكانت النساء العراقيات، في ظل الفوضى والتقاتل، يُستبحن من الجميع، جيش الاحتلال، والفصائل الإسلامية المتقاتلة على حد سواء، إضافة إلى تجار الجنس.
قضى الحصار (13 عاماً) على الطبقة الوسطى في العراق. وكانت النساء العراقيات بكل أطيافهن أكثر المتضررين من الحصار. فبدل أن يُحتفى بهن كمنقذات لاقتصاد البلاد خلال سنوات الحرب الطويلة مع إيران، ألغى النظام، بحجة الحصار الاقتصادي، معظم برامج التمكين الاجتماعية والاقتصادية، وتسهيلات العناية بالأطفال التي كانت سابقاً تقدم للموظفات، إضافة إلى برامج محو الأمية والتوعية، والضمان الاجتماعي.
أدرك صدّام حسين أن الدين هو خلاصه من غضب الناس بسبب ما آلت إليه الظروف الاقتصادية المريرة. فغيّر المسار العلماني لحزب البعث، وأطلق عام 1993 حملته الإيمانية، والتي حاول بها التقرب من الإسلاميين وكسبهم لصفّه. فبدأ بإغلاق محلات الكحول والنوادي الليلة والحانات بحملة واسعة نفذتها "قوات فدائيي صدام" المعروفة بعنفها، وارتكبت خلالها جرائم وإعدامات ميدانية في بغداد بحق عاملات الجنس وصل بعضها إلى حد قطع رؤوسهن بطريقة وحشية أمام بيوتهن وتحت أنظار الناس. كما فُرض قرارٌ رسميٌّ بمنع النساء التي تبلغ أعمارهن أقل من 45 سنة من مغادرة البلاد إلا برفقة "محرم"، مما شجع على ظهور سماسرة الزواج المزيف، حيث يتزوج رجل امرأة على الورق ويعبر بها الحدود إلى الأردن - الحدود الوحيدة التي كانت مفتوحة أمام العراقيين آنذاك - مقابل مبلغ من المال. كما وازداد غض النظر عن جرائم الشرف التي لم يكن قانون العقوبات العراقي رقم 188 لعام 1969 في الأصل منصفاً لضحاياها، فجاء قرار مجلس قيادة الثورة عام 2001 ليشمل تخفيف الحكم على الجاني من الأقارب أيضاً، وليس فحسب من أقرباء الدرجة الأولى، ما وسع دائرة الإجرام!
حدثَ ذلك كله في الوقت الذي كان إعلام الدولة، والفنون المدعومة منها، قد بدأت تقدم نموذجاً مشوهاً للمرأة العراقية، فهي أما مكسورة الجناح أو سيئة السمعة. حتى عجّت وسائل الإعلام والمسرح - والذي كان العراق قبل ذلك رائداً فيه - بمسرحيات ذات مستوًى هابط، تؤدي النساء فيها أدواراً تحط من قيمتهن الاجتماعية والإنسانية. وفي الوقت نفسه لجأت الكثير من العوائل للدين ليخفف عنهم ثقل العوز والحاجة، وسادَ الحجاب وارتداء العباءة بين النساء، ليس فقط من باب التديّن وإنما بسبب الفقر، بعد أن أصبح شراء الملابس الجديدة وزيارة الكوافير للاعتناء بالشعر غير ممكنٍ للكثيرات.
تسييد قانون العشائر
كاد صدّام حسين أن يفقد سيطرته تماماً على مدن وسط وجنوب العراق بعد انطلاق الانتفاضة الشعبية ضده عام 1991 التي قمعها نظامه بوحشية، وذهب ضحيتها ما يزيد عن 180 ألف قتيل معظمهم من المدنيين، نُفذت فيهم الإعدامات الميدانية ودفنوا في مقابر جماعية. لم يجد صدّام أمامه سوى أن يتقرب من العشائر، لضمان ولائهم له. فأطلق أيديهم فوق القانون المدني الذي كان في السابق قد قوّض سطوتهم ونفوذهم إلى حدّ كبير، عندما وُضِعَ قانون الأحوال الشخصية العراقي عام 1959 الذي اعتبر رائداً في زمانه.
أصبحت الخلافات والقضايا الجنائية تُحل، في تسعينيات القرن العشرين، خارج المحاكم المدنية. وباشتداد الأزمة الاقتصادية، ازدادت جرائم الخطف والقتل والسرقة وتحولت إلى مصدر مُربح للأموال لشيوخ العشائر وحاشيتهم. فمثلاً هناك ديّة تُدفع لأهل المقتول تُقررها العشيرة دون اللجوء للقانون، كما أن للمخطوف ديّة محددة، وللسرقة ديّة. حتى حوادث السيارات لها ديّتها. في بعض الأحيان لا تُدفع ديّة القتل بالمال، وإنما بامرأة أو فتاة، أو أكثر، يقدمن كهدية من عشيرة القاتل إلى عشيرة المقتول، يختارهن زعماء العشيرة دون العودة لأهل الفتاة/الفتيات. يسمى هذا التقليد العشائري القديم بـ "الفصليّة"، ويُبرره رجال العشائر على أنه يخلط النسب والدم بين العشيرتين فيتبدد الثأر. لكن وفي كثير من الأحيان تُعذَّب المرأة، وتُنتهك بكل الأشكال لأنها "دّية ثأر"، وتَدفع حياتها ثمناً لتمحو جرماً ارتكبه رجل من عشيرتها. وفي حين كانت الزيجات، منذ عام 1959، تُعقَد لزاماً أمام محاكم مدنية، أصبحت تُعقد في "مضايف" العشائر لمن هنّ دون سن 15، ودون الحصول على موافقة الفتاة.
واستعيد تقليد عشائري يسمى بـ "النهوة"، ويعني أن من حق أي عشيرة أن تمنع زواج إحدى فتياتها من رجل ينتمي لعشيرة أخرى، وإجبارها على الزواج من داخل عشيرتها، دون أخذ موافقتها أو حتى موافقة أهلها. جرَّم القانون العراقي لعام 1959 هذين التقليدين ضمنياً عندما وضع شرط قبول الفتاة، وإلزام أن يكون هناك عقد مدني في المحكمة، كما جرَّم الإجبار على الزواج.
الاحتلال الأمريكي، فوضى الميليشيات والاقتتال الطائفي
بعد ما يقارب من 13 عاماً من الحصار الاقتصادي الذي أدى إلى انهيار البنى الصحية والاقتصادية والاجتماعية في العراق، جاء الاحتلال الأمريكي عام 2003 بعد ادعاء واشنطن، بمساندة لندن، بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل المحرمة دولياً. وكما فعل صدّام حسين قبل احتلال الكويت، كانت إحدى ذرائع بوش الابن لشنّ الحرب على العراق هي "تحرير المرأة العراقية"! حدثَ العكس تماماً. فقد أدى الاحتلال الأمريكي للعراق، إلى إنهاء ما تبقى من البنى التحتية للعراق، وزج البلاد في فوضى استمرت المرأة العراقية بدفع ثمنها. سقطَت مؤسسات الدولة بالكامل، وحُلّ الجيش مما أدى لخلق سوق للعمل في الفصائل الإسلامية المسلحة. وما إن تشكلت أول حكومة عراقية بنظام المحاصصة الطائفية الذي فرضته الولايات المتحدة عام 2005، حتى بدأت الفصائل المسلحة بالاقتتال فيما بينها، وبتنفيذ أحكام الإعدام الميدانية والتهجير ضد المدنيين العزل، حسب الهوية الطائفية. كانت تلك الفصائل، ومنها تنظيم "القاعدة"، تجنّد المقاتلين من شتى أنحاء العالم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكة المعلومات لتثير مشاعر المسلمين في العالم، مُصدّرة أفكاراً مثل "استباحة واغتصاب النساء المسلمات في العراق على يد الجيش الأمريكي"، والتي تناقلها الناس بصورة واسعة. والنساء العراقيات، في ظل الفوضى والتقاتل، كُن يُستبحن من الجميع، جيش الاحتلال والفصائل الإسلامية المتقاتلة على حد سواء، إضافة إلى تجار الجنس. انتهت حرب المليشيات عام 2008 بمساعدة العشائر العراقية في المناطق السنيّة والقضاء على تنظيم القاعدة. أصبح الحكم في العراق وبشكل رسمي إسلامياً/عشائرياً. وبالرغم من تحديد كوتا للنساء في البرلمان العراقي، حسب الدستور، إلا أنها كانت تمثل الأحزاب الإسلامية لا للمرأة، مع تواجد غير مؤثر للتيار المدني.
ازداد غض النظر عن "جرائم الشرف" التي لم يكن قانون العقوبات العراقي رقم 188 لعام 1969 في الأصل منصفاً لضحاياها، فجاء قرار مجلس قيادة الثورة عام 2001 ليشمل تخفيف الحكم على الجاني من الأقارب أياً كانوا. وتجري محاولات مستمرة لتحويل قانون الأحوال الشخصية من المحاكم المدنية إلى محاكم وشرع الطوائف.
بعد هزيمة تنظيم "داعش" وتحرير الموصل عام 2018، بقيت مخيمات اللجوء تكتظ بالنساء الأزيديات وغير الأزيديات، اللواتي خسرن قراهن وبيوتهن، وفي أحيان كثيرة، عوائلهن أيضاً. وفي الوقت ذاته، وُضعت النساء اللواتي انتمى أزواجهن لـ"داعش" أو أرغمن على الزواج من أفراده، مع أطفالهن في مخيمات قريبة من مدينة الموصل، مغلقة تماماً ولا يحق لهن مغادرتها.
نساء يرتضين بدور "النسوان" في العراق
08-09-2016
قفز المواجع .. عراقيات في المناصب السياسية
14-09-2017
لم تتمكن منظمات المجتمع المدني من سد الفراغ الكبير الذي خلفته الفوضى ومفخخاتها في ظل غياب القانون وتزايد المضايقات والتهديدات من قبل المليشيات لهذه المنظمات، النسوية منها بصورة خاصة. المعارك كانت كثيرة والحاجة للخدمات كبيرة، ما بين محاولات إنقاذ النساء والقاصرات من العنف الأسري وجرائم "الشرف"، والوقوف في وجه محاولات الأحزاب الدينية تغيير قانون الأحوال الشخصية إلى قانون تحكمه الطوائف الدينية، وبين محاولات تقديم يد العون للنازحات الهاربات من شتى أنواع العنف الذي ولدته الأزمات السياسية المختلفة. حيث بلغ عدد النازحين في مخيمات داخل العراق في نهاية عام 2008، وحسب تقرير "مشروع بروكينغز"، ما يزيد عن 2.8 مليون إنسان. ازداد الوضع تعقيداً بعد احتلال الموصل وعدد من المدن العراقية عام 2014 من قبل تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش"). ارتكب التنظيم مجازر بحق تلك المدن والقرى المحيطة بها، كانت أبشعها تلك التي ارتكبت في "قاعدة سبايكر" في مدينة تكريت، وراح ضحيتها ما يزيد عن 1700 منتسب غير مسلح من الجيش، ذبحوا على يد أفراد تنظيم "داعش"، والأخرى التي ارتكبت بحق الأقلية الأزيدية. فسبيت النساء الأزيديات، وأصبحن يُبعن ويشترين لغرض الجنس من قبل أفراد التنظيم في أسواق نخاسة وجدت خصيصاً لهذا الغرض في المناطق التي وقعت تحت احتلالهم في العراق وسوريا. وحتى عندما هُزم التنظيم وحررت الموصل عام 2018، بقيت مخيمات اللجوء تكتظ بالنساء الأزيديات وغير الأزيديات اللواتي خسرن قراهن وبيوتهن، وفي أحيان كثيرة، عوائلهن أيضاً. في ذات الوقت كانت النساء اللواتي انتمى أزواجهن لتنظيم الدولة الإسلامية أو تزوجن من المنتمين له، والكثير منهن كنّ مرغمات على هذا الزواج خوفاً من بطش "داعش"، وضعتهن الحكومة العراقية مع أطفالهن في مخيمات قريبة من مدينة الموصل، مغلقة تماماً ولا يحق لهن مغادرتها.
II -سنوات الاحتجاج: مشاركة النساء وحراك الأمهات
كشفت مذبحة "سبايكر" تقاعس المؤسسة العسكرية ومسؤولين في الحكومة العراقية آنذاك، لا سيما رئيس الوزراء نوري المالكي، بعد أن تُرك المنتسبون في القاعدة العسكرية من دون أوامر واضحة أو معلومات عما يحدث، مما سهل لـ"داعش" مهمة خطفهم وقتلهم بوحشية، حيث كشفت منظمة حقوق الإنسان (Human Rights Watch) صوراً بشعة للجريمة التقطتها الأقمار الصناعية. بقيت الكثير من جثث ضحايا المجزرة مفقودةً رغم مطالبات أهاليهم المستمرة للحكومة العراقية بالكشف عن مصائر أولادهم ومحاسبة المقصرين. وكانت أمهات ضحايا المجزرة اللواتي عرفن بــ"أمهات سبايكر" في مقدمة حراك الأهالي، وفي اعتصامات ومظاهرات ومواجهات مستمرة مع المسؤولين العراقيين استمرت بعد اقتحام الأهالي للبرلمان في أيلول/ سبتمبر عام 2014، وإجبار المالكي على التنازل عن منصبه كرئيس للوزراء.
استمرت الاحتجاجات، والتي كان أشدها في البصرة، ضد سوء الخدمات وسيطرة المليشيات على المدينة منذ عام 2014، ومن ثم عادت في صيف عام 2018 بصورة أكبر وبمشاركة نسائية كبيرة، بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وتلوث المياه الذي أرسل المئات من سكان المدينة إلى المستشفيات. رافق الحراك الشعبي في البصرة، وبتزامن مع احتجاجات التيار المدني المتعاقبة في بغداد منذ عام 2015، تعاطفاً شعبياً في كل أنحاء العراق الذي كان لا يزال يعاني من المفخخات والتفجيرات. واستمر التعاطف على الرغم من محاولات الإعلام الحكومي والمليشياوي تخوين المتظاهرين، وخصوصاً النساء منهم، وإلصاق تهم غالباً ما تكون ذات علاقة بــ"الشرف" أو التواصل مع جهات وسفارات أجنبية. وكالمعتاد، بدأت سلسلة الاغتيالات للناشطين والمؤيدين للحراك، وطالت هذه المرة النساء الناشطات أيضاً، فاغتيلت في البصرة في يوم 25 أيلول / سبتمبر 2018 الناشطة الحقوقية سعاد العلي، رئيسة منظمة "الود العالمي" لحقوق الإنسان. وتوالت بفترات زمنية قصيرة جداً، اغتيالات لشخصيات نسائية معروفة كالموديل التي عرفت بجرأتها تارة فارس، وطبيبة التجميل المعروفة بمعالجة ضحايا الحروب مجاناً، رفيف الياسري، سبقتها رشا الحسن، صاحبة مركز تجميل ومقهًى خاص بالنساء في بغداد.
كانت أمهات ضحايا المجزرة ، اللواتي عرفن بــ"أمهات سبايكر" في مقدمة حراك الأهالي، وفي اعتصامات ومظاهرات ومواجهات مع المسؤولين العراقيين استمرت بعد اقتحام الأهالي للبرلمان في أيلول/ سبتمبر عام 2014، وإجبار المالكي على التنازل عن منصبه كرئيس للوزراء.
قُيّدت تلك الاغتيالات ضد مجهول، مع روايات غير رسمية تبثها حسابات وهمية تابعة للأحزاب، عن كون هذه الجرائم حدثت بسبب "خلافات عائلية". إلا أن تقارب الفترة الزمنية وتشابه طريقة التنفيذ والتزامن مع اغتيالات أخرى لناشطين في حراك البصرة، كانت مؤشرات على محاولة مراكز القوى في العراق خلط الأوراق، وتشتيت الرأي العام عن حراك البصرة الشعبي، وإرسال رسالة مباشرة للنساء: نحن قادرون على إسكاتكن وبلا ثمن يُذكر.
دستور العراق الحالي يبيح الدولة للمذاهب
22-04-2019
أثارت تلك الاغتيالات الرعب والخوف بين الناس لفترة قصيرة من الزمن، ودفعت الكثير من الشخصيات النسائية المعروفة إلى مغادرة العراق مؤقتاً. لكن النساء عُدن بقوة في مقدمة اعتصام أصحاب الشهادات العليا أمام رئاسة الوزراء في بغداد في صيف 2019 ضد البطالة وانعدام فرص العمل. استمر الاحتجاج والاعتصام لأكثر من 50 يوماً دون اهتمام يذكر من المسؤولين، حتى قرروا إنهاءه بالقوة في نهاية أيلول/ سبتمبر 2019. أثارت صور وفيديوهات ضرب المعتصمات، ورشّهن بالمياه الساخنة من قبل قوات الأمن سخطاً شعبياً كبيرآً، تزامن مع استمرار سوء الخدمات وفساد الحكومة والبطالة التي تفشت خاصة بين شريحة الشباب. فخرجت يوم 1 تشرين الأول/ أكتوبرعام 2019 مجموعة من الشباب إلى ساحة التحرير في بغداد للتظاهر كالمعتاد. لكنهم فوجئوا بالقوات الأمنية والمليشيات تطلق الرصاص والغاز المسيل للدموع نحوهم بكثافة، وبوجود قناصين متمركزين في بناية مهجورة في ساحة التحرير عُرفت باسم "بناية المطعم التركي". قتل القناصون في غضون يومين فقط في بغداد والناصرية ومحافظات أخرى في العراق ما يقارب الـ150، وجُرح ما يقارب الـ 4300 من المتظاهرين العزّل. وكانت تلك الشرارة التي أطلقت ثورة تشرين الأول/ أكتوبر في معظم محافظات وسط وجنوب العراق.
"ياهو اللي قال صوتك عورة، صوتك مفتاح لكل ثورة"
مع ازدياد السخط الشعبي، جاء الخطاب الرسمي متبرئاً من الأحداث، متهماً جهات مجهولة بقتل وجرح المتظاهرين. عبّرت الأمم المتحدة عن "قلقها" لما يحدث في العراق، بينما دعت المرجعية الدينية في النجف إلى ضبط النفس، وأعطت حكومة عادل عبد المهدي مهلة أسبوعين لكشف القتلة. خرجت أصوات كثيرة تحذّر من التظاهر في فترة إحياء أربعينية الحسين، بينما كانت أصواتٌ أخرى تدعو إلى إحيائها في ساحات التظاهر. وانطلقت دعوة شعبية في كل أنحاء العراق لمظاهرات حاشدة في 25 تشرين الأول / أكتوبر، حُشد لها على صفحات التواصل الاجتماعي.
كان خوف المسؤولين في الحكومة يتزايد، وترددت أنباء عن مغادرة عدد منهم إلى خارج البلاد. أعلنت الحكومة على عجل يوم 24 تشرين الأول / أكتوبر أنها ألقت القبض على بعض الضباط ومنتسبي القوات الأمنية ممن تسببوا بقمع المتظاهرين، بينما أصرت على أن القناصين كانوا مجهولي الهوية. أُعلن حظر التجوال مرة أخرى في عدة مدن لمحاولة منع التجمع في ساحات التظاهر، وأغلقت الجسور وبعض الطرق لمنع انتقال المتظاهرين عبرها. فخرج الناس بعوائلهم إلى الشوارع كسراً للحظر، بما يشبه الاحتفالية حتى الساعات الأولى للصباح. بدأ المتظاهرون بالسيطرة على مداخل الساحات والبنايات العالية لمنع القناصين، وفي غضون أيام، تحولت الساحات بسرعة إلى مساحات آمنة لوجود العوائل والأطفال، بينما حاول المتظاهرون حماية المداخل مواجهين قوات الشغب التي بقيت تطلق الرصاص والغاز المسيل للدموع نحو الرأس مباشرة، مما تسبب بقتل الكثير من المتظاهرين بعد أن اخترقت قنابل الغاز رؤوسهم. كان منهم الشاب الشاعر صفاء السراي، الذي اشتهر باسم "ابن ثنوة"، وهو الاسم الذي أطلقه على نفسه بعد وفاة والدته التي ربته وأخوته بمفردها في منطقة شعبية في بغداد، بعد موت الأب. كانت قصة صفاء تشبه قصص معظم شباب العراق. فعلى الرغم من أن المجتمع العراقي - كسائر المجتمعات العربية - ذكوريٌّ، إلا أنه ليس مجتمعاً بطرياركياً تماماً. فللأم في العراق مكانة خاصة، تعززت بسبب فقدان الآباء في الحروب، وأحداث العنف الكثيرة التي مرت على البلاد في الـ40 سنة الأخيرة. فبينما كان الرجال يتقاتلون ويُقتلون، كانت النساء تربي. لذلك أصبحت الأمهات في العقل الجمعي العراقي رمزاً لتحدي الظلم. وكذلك أصبحت ثنوة وابنها صفاء أيقونة للثورة.
قتل الشاعر الشاب صفاء السراي، الذي اشتهر باسم "ابن ثنوة"، وهو الاسم الذي أطلقه على نفسه بعد وفاة والدته التي ربته وأخوته بمفردها في منطقة شعبية في بغداد، بعد موت الأب. كانت قصة صفاء تشبه قصص معظم شباب العراق..
تزايدت الخسائر في الأرواح بين المتظاهرين، وتزايد معها الزخم الشعبي في الساحات. كان حضور المرأة لافتاً وقوياً، ليس في بغداد فقط، وإنما أيضاً في الناصرية والبصرة، ومدن محافِظةٍ اجتماعياً ودينياً كالنجف وكربلاء. كانت النساء المشاركات من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية والطبقية، بدءاً من الأمهات اللواتي أتين مع أولادهن المتظاهرين إلى الساحات. فكنَّ يطبخن الطعام ويغسلن الملابس، وفي كثير من الأحيان يشكلن مجموعات تذهب إلى الحواجز التي كانت تفصل المتظاهرين عن "قوات الشغب"، ويقمن بتهدئة بعض الشباب المندفعين. وكانت هناك النساء المتطوعات في الكوادر الطبية والمستشفيات الميدانية، اللواتي كن يتواجدن في الخطوط الأمامية لمعالجة وإنقاذ المصابين، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد منهن. بينما شاركت طالبات الجامعات والمدارس الإعدادية بزخم كبير في الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية، إضافة للمشاركات في إضرابات واعتصامات النقابات المهنية وغيرها، والناشطات المدنيات والحقوقيات والصحافيات اللواتي أصدرن أولى النشرات المطبوعة لتغطية الاحتجاجات كجريدة "تك تك" وجريدة "المساواة".
ريهام يعقوب، بنتُكَ يا وطن...
23-08-2020
عراقيّات وثائرات
08-03-2020
فاجأ الزخم النسائي في الاحتجاجات الجميع بمن فيهم المتظاهرين الذكور، الذين أدركوا أن وجودهن لايعني فقط عدداً وضغطاً أكبراً، وإنما أيضاً حماية أكبر، في بلد تعوّد الناس فيه على القتل الممارس ضدهم. كان تحدياً صارخاً للفكر الديني الذي حكم العراق منذ احتلاله في 2003، والذي فرّق بين الذكور والإناث، وحرّم الاختلاط خصوصاً في الطبقات الأقل حظاً اقتصادياً وتعليمياً. وشكّل تواجدهن في الساحات أيضاً كسراً للتفرقة الطبقية، التي حطت من قيمة الطبقات الفقيرة، وخلقت هالة حول الطبقات الأكثر حظاً. وعلى الرغم من محاولات الإعلام الديني والموالي للحكام والزعماء السياسيين استعمال المصطلحات الذكورية المعتادة ضد نساء الثورة، إلا أنهن تحولن بسرعة إلى رمز للاحتجاجات. فكان معظم ما أنتج من فن الثورة، سواء الشعر، الأغاني، الغرافيتي، وغيرها من الفنون، يبرز مكانة المرأة كأيقونة، ويتغنى بدورها في الثورة.
كان حضور المرأة لافتاً وقوياً، ليس في بغداد فقط، وإنما أيضاً في الناصرية والبصرة، ومدنٍ محافِظة اجتماعياً ودينياً كالنجف وكربلاء. كانت النساء المشاركات من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية والطبقية، بدءاً من الأمهات اللواتي أتين مع أولادهن المتظاهرين إلى الساحات، يطبخن ويغسلن وفي كثير من الأحيان يشكلن مجموعات تذهب إلى الحواجز التي كانت تفصل المتظاهرين عن "قوات مكافحة الشغب".
حضرت المتطوعات من الكوادر الطبية والمستشفيات الميدانية، إلى الخطوط الأمامية لمعالجة وإنقاذ المصابين، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد منهن. وشاركت طالبات الجامعات والمدارس الإعدادية بزخم كبير في الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية، إضافة للناشطات المدنيات والحقوقيات والصحافيات اللواتي أصدرن أولى النشرات المطبوعة لتغطية الاحتجاجات، كجريدة "تك تك" وجريدة "المساواة".
وباءت كل محاولات الحكومة والموالين لها لإنهاء تلك المشاركة بالفشل. فقد استهدفت المليشيات والأحزاب الناشطاتِ والمتظاهرات بشتى الطرق، فطالت أولى الاغتيالات منذ اندلاع الاحتجاجات، الناشطة سارة طالب، وزوجها حسين عادل في البصرة، وكانت الناشطة صبا المهداوي من أوائل من خُطفوا من التظاهرات، بينما اغتيلت الناشطة أنوار جاسم والتي لقبت بـ"أم عباس" في الناصرية، ونجت الناشطة نهاوند تركي، والتي كانت تُعرف في الناصرية بهتافاتها الحماسية، من محاولة اغتيال فاشلة.
بينما جاءت محاولات ترهيب الطالبات بالضرب والشتم بنتائج عكسية تماماً، حيث أصبح تحدي الطالبات لسلطات المدارس والسلطة الأمنية نموذجاً يُحتذى به، في جيل يعتمد كلياً على الإنترنت في تناقل الأخبار والصور، وخلق المحتوى بعيداً عن الخطاب الحكومي الرسمي. فقدّم المتظاهرون أنفسهم كثقافة مختلفة عمّن يحكمونهم. فهم سلميون، منفتحون ومتقبلون للتباينات الدينية، الطائفية، الجنسية، الطبقية وغيرها. بينما مَن يتحكم بسياسة البلد واقتصادها كانوا مجموعة من الفاسدين، المنغلقين فكرياً، المتعصبين دينياً وطائفياً، والمؤمنين بالعنف كحل لكل المشاكل التي تواجههم. حتى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي قدم نفسه كحليف للمدنيين - خصوصاً بعد تحالفه مع الحزب الشيوعي العراقي عام 2018 في كتلة "سائرون" - فشلَ هذه المرة في أن يستقطب النشطاء المدنيين، خصوصاً النساء منهم، وهو الذي أراد أن يظهر بمظهر الراعي للثورة. أدى ذلك إلى انقلاب خطابه ضد الثورة. فانسحب عناصر التيار الصدري من الساحات، وبدؤوا بافتعال المواجهات التي أدت إلى قتل وجرح الكثير من المتظاهرين، خصوصاً في بغداد والناصرية والنجف. وهو ما أنكره مقتدى الصدر، لكنه عاد وصرّح أن تلك الأحداث كانت "جرّة إذن" للمتظاهرين، لتمردهم على طريقته في إدارة الأمور، بعد أن وجهت والدة أحد الشبان الذين قُتلوا في الهجوم المسلح على ساحة الاعتصام في مدينة النجف، اتهاماً مباشراً لأتباعه بتنفيذ الهجوم بأوامر منه. تحولت السيدة شهلاء/ أم مهند إلى أيقونة أخرى للثورة، لم تُخفها التهديدات، والتي جاء أحدها على شكل رسالة مصورة من "نساء التيار الصدري" تتوعدها بالقتل. لكنها لم تتوقف عن التوجه لساحات الاعتصام وقيادة المظاهرات والظهور في وسائل الإعلام، مطالبة بالاقتصاص من قتلة ابنها ومن غُدروا معه.
كان معظم ما أنتج من فن الثورة، سواء الشعر، الأغاني، الغرافيتي، وغيرها من الفنون، يُبرز مكانة المرأة كأيقونة ويتغنى بدورها في الثورة. وباءت كل محاولات الحكومة والموالين لها لإنهاء تلك المشاركة بالفشل. وقد استهدفت المليشيات والأحزاب الناشطات والمتظاهرات بشتى الطرق، بما فيها القنص والاغتيالات.
قدّم المتظاهرون أنفسهم كثقافة مختلفة عمّن يحكمونهم. فهم سلميون، منفتحون ومتقبلون للتباينات الدينية، الطائفية، الجنسية، الطبقية وغيرها. بينما مَن يتحكم بسياسة البلد، واقتصادها كانوا مجموعة من الفاسدين، المنغلقين فكرياً، المتعصبين دينياً وطائفياً، والمؤمنين بالعنف كحل لكل المشاكل التي تواجههم.
ظلّت الصراعات مستمرة بين مقتدى الصدر والمتظاهرين، فكان كلما أطلق إحدى تغريداته متوعداً إياهم، ردوا بهتافات ضده. فيرد الصدر بإرسال مَن أسماهم بـ "القبعات الزرق" ليعتدوا على المتظاهرين، أو ليخطفوا مَن ينتقده أو يهتف ضده. وهو ما حدث للناشطة النجفية رنا الصميدعي، التي وجهت انتقادات جريئة ولاذعة لمقتدى الصدر وأتباعه، في فيديوهات لها انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. تلقت الصميدعي بسبب انتقاداتها الكثيرمن رسائل التهديد المصورة من أتباع الصدر، خاصة أنها امرأة ومن مدينة النجف، المركز الديني للمذهب الشيعي في العالم، والذي يعتبر الصدر نفسه ممثلاً له. واجهت الصميدعي أيضاً، حملة تشويه واسعة، ومحاولة لخطفها وضربها وتهديدها.
"ثورة تشرين" في العراق... مرّ عام!
08-10-2020
تظاهرات تشرين العراقية: ثابت السياسة وتحوُّل المجتمع
16-10-2020
خسر الصدر جزءاً من قاعدته الشعبية، خصوصاً الشباب منهم. وهو اعتبر أن الثورة خرجت عن مسارها الصحيح، وأعلن "ميثاق ثورة الإصلاح" الذي نص على 18 نقطة، تحمل كعادتها اتهامات وتهديدات ضمنية للمتظاهرين. لكن توصيته التي أثارت السخرية كانت عن عدم الاختلاط بين الجنسين. مما تسبب بحملة سخرية واسعة على تويتر، لكن الرد الأكبر كان في الساحات، حيث انطلقت مسيرات وتظاهرات نسائية واسعة في بغداد والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء تندد وتسخر من تصريح الصدر، والنساء يرددن "ياهو (مَن) اللي قال صوتِك عورة، صوتِك مفتاح لكل ثورة".
عندما رأيت سارة مرة أخرى لم تكن تلعب وتمرح، بل كانت تهتف بحماس من أمام خيمة "منظمة حرية المرأة" في ساحة التحرير، ربما أملاً في أن يكون لابنتها مستقبل أفضل.
محتوى هذا المقال هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.