اتخذت إدارة السجون "الإسرائيلية" قراراً بالإفراج عن السجناء الجنائيين لديها، واستثناء الأسرى الفلسطينيين. وهذه بالطبع مخالفة لقواعد القانون الدولي في حماية حقوق الأسرى في زمن انتشار الأوبئة.
لاتزال الإدارة "الإسرائيلية" تعتمد سياسة الاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين، ما يعني احتجازهم دون تقديمهم للمحاكمة أو الإفصاح عن التهم المنسوبة لهم، ولا يُسمح لذويهم أو محاميهم الالتقاء بهم أو معاينة لوائح الاتهام، بذريعة أنَّ هؤلاء الأسرى لديهم قضايا وملفات سريّة لا يمكن الاطلاع عليها، ويتم تجديد الحكم الإداري كل ثلاثة أو ستة أشهر. لا يوجد إحصائية ثابتة للمعتقلين الإداريين، ولكن ومنذ انطلاق انتفاضة الأقصى ارتفعت وتيرة الاعتقال الإداري، إذ أصدرت سلطات الاحتلال نحو 27 ألف قرار اعتقال منذ أيلول/ سبتمبر عام 2000 وحتى حزيران/ يونيو 2017.
تجاوز إجمالي الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيليّة الخمسة آلاف معتقل، موزعين على قرابة 22 سجناً، فيما وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 480 أسيراً، بالإضافة إلى 180 طفلاً، أمَّا النساء فبلغن 41 امرأةً.
تروى الحكاية من داخل الزنزانة
أبو إبراهيم أسير فلسطيني حكم عليه 20 عاماً بتهمة الانتماء للعمل المقاوم، أمضى منها 16 عاماً بين جدران سجن نفحة الصحراوي. يروي لنا حكايته كما زملاؤه في تعامل السجان معهم في الوقت الأخطر عالمياً، أي خلال تفشي فيروس كورونا المستجد. هم لا يمتلكون وسائل وقاية من احتمال انتقال العدوى إليهم، إذ يحرم عليهم الحرس الإسرائيلي ارتداء الكَمامات أو أيّة وسيلة أثناء الحركة، كما أنّه في بداية الأزمة وفور الإعلان عن وجود إصابتين بين الجنود الإسرائيليين، قام الأسرى بعدَّة خطوات احتجاجية لوقف دخول السجانين المتكرر، وخاصة وأنَّهم لم يرتدوا كَمَامات. وبالفعل قلَّ دخولهم الروتيني لكنَّه لم يتوقف، وأجبِروا على وضع كمامات أثناء التفتيش.
ضغوطات بالجملة
تتعمد إدارة السجون الإسرائيليّة إهمال الأسرى الفلسطينيين، فيستمر غياب الإجراءات الوقائيّة الخاصة، مثل المعقمات والأدوات التي تحميهم من خطر الإصابة بفيروس كورونا، إذ يُكتفى بتعقيم الساحات الأمنية التي تجري فيها المقابلات أو اللقاءات التي تتم في تمام العدد عند التفتيش، ليس حفاظاً على الأسرى وإنما على سلامة الجنود. أما غرف الأسرى لم تعقم في أيّ وقت، الأمر الذي يجعل الأسير الفلسطيني أكثر تخوفاً، ولاسيما من بينهم المرضى وكبار السن الذين يعانون نقصاً في المناعة وأمراضاً مختلفة كالسرطان، الكلى، والقلب، فهناك 16 معتقلاً ظروفهم مأساوية بين جدران ما تسمى "عيادة سجن الرملة"، والتي يُطلق عليها الأسرى "المسلخ".
لم تعقّم غرف الأسرى في أيّ وقت، والتخوف مصدره أن بين الاسرى من هم كبار في السن ومرضى يعانون نقصاً في المناعة وأمراضاً مختلفة كالسرطان، الكلى، والقلب. وهناك 16 معتقلاً ظروفهم مأساوية بين جدران ما تسمى "عيادة سجن الرملة"، والتي يُطلق عليها الأسرى "المسلخ".
تجاوز إجمالي الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيليّة الخمسة آلاف معتقل، موزعين على قرابة 22 سجناً، فيما وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 480 أسيراً، بالإضافة إلى 180 طفلاً، أمَّا النساء فبلغن 41 امرأةً.
كما أن السجان عمل على إيقاف الزيارات لذوي الأسرى، وهذا سبب أزمة كبيرة بين صفوف المسجونين، إذ يعتمد الأسير الفلسطيني بشكل كبير على الأموال والملابس التي يدخلها ذويه. "مصلحة السجون لم تقبل بأيّ من العروض أو الحلول التي عرضناها لحلّ هذه الأزمة" يقول أبو إبراهيم. ورداً على الحجج الواهية التي قُدمت من قبل الإدارة الإسرائيلية حول إمكانيّة نقل العدوى، فإنّ المقابلة تتم بين الأسير وذويه من خلال زجاج عازل لا يمكن الملامسة من خلاله.
شدد أبو إبراهيم على أهمية إنهاء قضية الأسرى الكبار ومرضى السرطان وصغار السن، لأنَّ الوضع بات أكثر خطورة من أيّ وقت مضى: "نحن نفتقر لأبسط مقومات الحماية داخل الزنازين الجماعية، لا يوجد أيّ علاج يُستخدم للحالات المرضية، حتى المنظفات التي كانوا يسمحون بها لم تعد متوفرة!". كما أنّ الإدارة الساجنة تعمل على تفتيش المقتنيات الشخصية للأسرى بشكل مفاجئ، بينما هم داخل غرفهم يُعتبروا بمثابة المحجورين، وأيّ خطر يكون فقط من قبل السجانين كونهم أداة التواصل مع العالم الخارجي.
والاعتقالات الجديدة ما زالت مُستمرة! هم 700 أسيرٍ يعانون من أوضاع صحية مأزومة. ففي آخر إحصائية لمركز هيئة شؤون الأسرى والمحررين عملت إسرائيل على اعتقال ما يزيد على 357 مواطناً جديداً من البلدات الفلسطينية، كان من بينهم 48 طفلاً، بالإضافة إلى 4 نساء. وللتذكير، فمنذ عام 1976 إلى يومنا استشهد 222 أسيراً، من بينهم 67 معتقلاً استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون الإسرائيليّة.
حقيقة الصفقة القريبة
هناك تحركات وتصريحات توحي بوجود صفقة تخص الأسرى، يجري التفاوض عليها بين حماس وإسرائيل. لكن مصادراً مقربة من المقاومة ومطلعة على ملف تبادل الأسرى قالت لنا إنّه لا سيناريوهات محتمل تحقيقها في القريب العاجل تخص قضية الأسرى الفلسطينيين. فحماس تتعامل مع القضية كملف واحد بالنسبة للمعتقلين لديها، ولا يمكن أن تُجزء الصفقة، على اعتبار وجود أمنيين كما عسكريين بين الجنود الأربعة المختطفين، (وهم هدار غولدين برتبة ملازم أوَّل، أورون شاؤول جندي من لواء النخبة، الأثيوبي وأفيرا منغيستو، والعربي من أصول بدوية هشام السيد الحامل للجنسية الإسرائيليّة).
في زمن اعتقال جلعاد شاليط قبل 9 سنوات، اعطت حماس معلومات عنه مقابل الإفراج عن 20 معتقلاً، أمّا الآن فيجري الحديث عن احتمال إعطاء معلومات عن الأسرى الأربع لديها مقابل الإفراج عن 250 أسيراً.
كانت حماس قد وافقت في زمن اعتقال جلعاد شاليط قبل 9 سنوات بأن تدلي بمعلومات عنه مقابل الإفراج عن 20 معتقلاً، أمّا الآن فيجري الحديث عن احتمال إعطاء معلومات عن الأسرى الأربع لديها مقابل الإفراج عن 250 أسيراً، وقد بثت حماس قبل عام أو يزيد فيديو لأغنية مترجمة للغة العبريّة تحكي عن حياة الأسرى "الإسرائيليين"، كما رسالة خُطت باليد كإشارة منها لوجود جنود أحياء لديها.
يبدو أن على إسرائيل أن تقبل بما هو مطروح عليها حتى وإن كانت تتخوف من إمكانية التعرض للنقد كما سالفتها في صفقة شاليط أو ما سمي "وفاء الأحرار"، حين استطاعت المقاومة الفلسطينية تسجيل رقمٍ قياسي في عام 2011 يوم أن أفرجت عن 1027 فلسطينياً مقابل جندي واحد. كما تمكنت الجبهة الشعبية القيادة العامة عام 1983 من تسحيل خلاص 1115 أسيراً فلسطينياً مقابل إطلاق سراح 3 جنود إسرائيليين.
وقد بيّن لنا المصدر نفسه أنَّ وجود صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة و"إسرائيل"، كما أشيع في نهاية شهر رمضان "كلام إعلامي لا صحة له"، هدفه التلاعب بمشاعر المعتقلين الفلسطينيين كما ذويهم، ، لكن عملية التفاوض بين المقاومة و"إسرائيل" لم تزل قائمة.