في غضون عام واحد، تطوّرت «الحَشَرَة» طبيعياً في جنوب السودان، لتصبح أهلاً لعقد اتفاق سلام جديد معها في جوبا، عاصمة الدولة الأحدث في العالم. و«الحشرة» هي جنوب السودان بحسب نعت الرئيس عمر البشير، في مثل هذه الأيام من نيسان/أبريل 2012. يومها، كان البشير يمارس هوايته المفضلة في القول للعالم «أنا ملك جنون العظمة»: وقف بين حشود الهاتفين بالجهاد، بجلبابه الأبيض الشهير وعصاه الخشبية التي لم يتعب من التلويح بها وهو يعلّق على قرار جنوب السودان بفرض سيادتها على منطقة هجليج المتنازع عليها مع بلده، قائلاً: «يجب التحرر من هذه الحشرات والقضاء على هذه الحشرات بصورة كاملة». كرّرها مرتين كي لا يظنّن أحدٌ أنّ وصف «الحشرة» جاء كزلّة لسان. مرّت الأيام، وسقط القتلى من صفوف الجيشين في معارك كادت تتحوّل الى حرب شاملة في المناطق الحدودية المتنازَع عليها، قبل أن يحطّ البشير نفسه يوم الجمعة الماضي في... جوبا. ولأنّ العمّ «يوتيوب» لا يترك مجالاً لتكذيب التصريح، ولأنه حتى في جنوب السودان، إحدى أفقر دول العالم يبقى هناك صحافيون مستعدّون لاستنطاق الرجل حول اتفاقه مع سيلفا كير، فإنّ الرئيس السوداني لم يجد ما يقوله سوى توضيح أنّ شعب الجنوب لم يكن هو المقصود بوصف «الحشرة». ومن دون أن يفصح عن هويّة المعني بالمصطلح، أوضح أنه استخدم هذه العبارة لأنه «غضب عندما سيطر جيش الجنوب على منطقة هجليج» النفطية العام الماضي. شكراً على التوضيح. لكن السيد البشير بخل علينا ولم يشرح كيف تمّ اتفاق السودانَين يوم الجمعة الماضي بسرعة قياسية على رزمة لحلّ جميع قضايا النزاع؟ سؤال تولّى وزير شؤون الرئاسة في الخرطوم أمين حسن عمر مهمة الإجابة عنه بكلمتين، فالاتفاق بحسبه «انتصار التيار الواقعي» في البلدين. وبترجمة فورية، فإنّ خزينة الخرطوم نفدت من المليار و200 مليون دولار التي تجنيها من تصدير نفط الجنوب، مثلما نفدت خزينة جوبا من ثمن براميل النفط الـ 350 ألفاً التي تنتجها يومياً من آبارها البرية، فوجب الاتفاق لتحصيل العائدات النفطية لكلا الطرفين. هكذا، بات يمكن توقُّع سيناريو الأشهُر والسنوات المقبلة بين البلدين، إلى حين يكون الله قد قضى أمراً كان مفعولاً، وتغيّر نظاما الحكم فيهما: فور امتلاء خزينتَي السودانَين بالمال، ستشتعل المعارك على جبهات المناطق الخمس المتنازع عليها بينهما، وستعود كل دولة منهما إلى دعم المجموعات المسلحة التي تسعى لإسقاط الحكومة المنافسة. وكلما فرغت الخزنة، سيعود الدفء والحديث عن «شعب واحد في بلدين»...
فكرة
«الحشرات» وحروب السودانَين
في غضون عام واحد، تطوّرت «الحَشَرَة» طبيعياً في جنوب السودان، لتصبح أهلاً لعقد اتفاق سلام جديد معها في جوبا، عاصمة الدولة الأحدث في العالم. و«الحشرة» هي جنوب السودان بحسب نعت الرئيس عمر البشير، في مثل هذه الأيام من نيسان/أبريل 2012. يومها، كان البشير يمارس هوايته المفضلة في القول للعالم «أنا ملك جنون العظمة»: وقف بين حشود الهاتفين بالجهاد، بجلبابه الأبيض
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....