سوريا و"الأممية العفويّة"

منذ 15 آذار/مارس 2011، لم تُسجَّل تقريباً تظاهرة شعبية كبيرة واحدة في عواصم ومدن الغرب تضامناً مع الانتفاضة السورية. قد يرى البعض في الموضوع مؤشراً عن نأي غربي بالنفس إزاء شؤون انتفاضة شعبية، وإن تدخّلت فيها في ما بعد أصابع من كل صوب. غير أنّ الأمر يتخطّى سذاجة الخلط بين التعبئة الشعبية من جهة، والتدخل الحكومي الاستعماري في شؤون داخلية لدول العالم الثالث من جهة ثانية. اللامبالاة الشعبية الغربية
2012-10-31

شارك

منذ 15 آذار/مارس 2011، لم تُسجَّل تقريباً تظاهرة شعبية كبيرة واحدة في عواصم ومدن الغرب تضامناً مع الانتفاضة السورية. قد يرى البعض في الموضوع مؤشراً عن نأي غربي بالنفس إزاء شؤون انتفاضة شعبية، وإن تدخّلت فيها في ما بعد أصابع من كل صوب. غير أنّ الأمر يتخطّى سذاجة الخلط بين التعبئة الشعبية من جهة، والتدخل الحكومي الاستعماري في شؤون داخلية لدول العالم الثالث من جهة ثانية. اللامبالاة الشعبية الغربية إزاء أحداث كبيرة تحصل عندنا، من نوع حروب إسرائيلية واحتلالات أميركية ومجازر ترتكبها «أنظمة التحرر الوطني» بحق شعوبها، هو مسار لم يبدأ مع الثورة السورية، بل شكّلت هذه الانتفاضة اليوم مجرّد تتويج له. فمقارنةً مع منسوب التعبئة الشعبية الهائلة التي كانت تتنقل بين عواصم الغرب زمن الانتفاضتين الفلسطينيتين، والاجتياح الإسرائيلي لبيروت، أو الحضور المليوني في لندن وباريس وغيرهما ضدّ احتلال العراق قبل أقل من 10 أعوام، وربما التظاهرات الكبيرة ضد العدوان الاسرائيلي على غزة مطلع سنة 2009، يلاحَظ أنّ التحرُّك الشعبي الغربي ازداد خجلاً وبوتيرة متسارعة، وفي كل المناسبات الكبرى التي تهزّ منطقتنا.
كان النقل التلفزيوني لمشاهد المجازر كافياً في الماضي (القريب) لإحداث الصدمة ولاستنهاض إنسانيةِ مواطن غربي. مواطن لا شكّ في أن الأزمة المالية الكبرى التي تهزّ الغرب منذ 4 أعوام، أدّت ولا تزال دوراً رئيسياً في سلب اهتماماته ووقته. ولا ينقص الدليل على ذلك، إذ تخلص جميع استطلاعات الرأي والاحصاءات إلى أن السياسة الخارجية تقع في ذيل اهتمامات الغالبية الساحقة من المواطنين في الغرب. في سوريا، توفّرت المجازر وبكثرة، من دون أن يكون ذلك محفِّزاً لتكوين رأي عام غربي يشكل قوة ضغط ولو معنوية لوقف ما يحصل، أو على الأقل ليكون بمثابة مؤاساة للشعب السوري.
لا بدّ من أنّ هناك علاقة في الموضوع للانقلاب العام في المنظومة القيميّة الشعبية في الغرب، وهو انقلاب يصبّ في النهاية بخانة تحجيم الهموم داخل كل دولة على حساب ما كان يُعتبَر «أممية عفويّة» غالباً ما كان محرّكوها في الشوارع يساريين عموماً. كان الظلم بشكل عام يحرِّك كثُرا في «العالم الأول»، فحلّت أولويات عديدة بدلا من هذا «الظلم العام». هكذا ضاقت الدائرة: من همّ الانسان إلى همّ الأقليات. من همّ الاستغلال إلى همّ المرأة المستغلَّة أو الطفل المستغَل... وقسْ على ذلك. كان هناك شيء اسمه رأي عام غربي، يترجَم بتظاهرات حاشدة وتعبئة جماهيرة، فباتت هناك نواة سحرية اسمها «منظمات غير حكومية». فشّة الخلق الحقيقية في الطرقات والشوارع حوّلها «الفايسبوك» وأخواته إلى «فشة خلق» افتراضية. كبسة زرّ ويشعر صاحبها بأنه غيّر العالم، بينما لا يكون قد فعل شيئاً سوى كبسة زرّ. مع أن سوء أحوال العالم، وسوء أحوالنا هنا، ترفع من قيمة التضامن الأممي بل من ضرورته، حيث يظهر بوضوح متعاظم أنه لا نجاة جزئية، ولا طرف يمكنه أن يجد جنته وسط الجحيم.
وهكذا يصرخ السوريون «يا الله ما لنا غيرك يا الله".

للكاتب نفسه

«شجرة فوبيا»

أرنست خوري 2013-11-27

قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...

ليبيا وضحكة القذّافي

أرنست خوري 2013-11-13

لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...

هكذا تكلّم "الصندوق"

أرنست خوري 2013-10-30

أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....