مرّة جديدة، يقدّم الحكام العرب مساهماتهم النوعيّة في موسوعة «كيف تحصل المؤامرة»؟ آخر المساهمين في العرض المستمر، كان الرئيس المصري محمد مرسي في سياق تبريره لسحب دعوة جماعته، «الاخوان المسلمين»، للتظاهر يوم الجمعة الماضي في عموم الأراضي المصرية ضد ما بات يعرف بالفيلم المسيء للاسلام. قال الرجل، بعد ساعات من تلقيه اتصالات أميركية تهدّد مصر العاجزة عن حماية سفارة واشنطن ومصالحها، إنّ «ما يحصل» رداً على الفيلم يهدف إلى «تحويل الانتباه عن المشاكل الحقيقية في الشرق الأوسط مثل المشكلة السورية والأزمة الفلسطينية». أكثر من ذلك، فهي «محاولات لبث الفرقة» بحسب مرسي. حسناً. لكن مَن هي الجهة التي «تحوّل الانتباه عن المشاكل الحقيقية في الشرق الأوسط»؟ أكيد ليست أميركا هي من تكرِّه الناس بنفسها. أكيد أيضاً انها ليست إسرائيل من تقيم دنيا المسلمين ضدها. والأكيد أيضاً وأيضاً انه ليس النظام السوري من يحاول تمويه «المشكلة» السورية في شوارع ليبيا ومصر وتونس واليمن والسودان...
كلام مرسي إذاً لا يعدو كونه نظرية مضحكة لتبرير سحب دعوة جماعته للتظاهر ولاستعراض «الغضب الأهلي» المتواصل ضدّ فيلم «براءة الاسلام». هو عمل بات تهافته وفشله السينمائي من خلال ما شاهدناه من مقتطفات على موقع «يوتيوب» مثبتَين في القراءات النقدية الكثيرة التي تناولتها في الصحف الأجنبية والعربية.
المؤامرة تعريفاً مناقضة لـ«البراءة». إذاً، فالفيلم نفسه وفق الوعي السائد لدينا عبارة عن مؤامرة. وهي لا يمكن أن تكون صيغت في عقل مخرج العمل، نقولا باسيلي نقولا. فالرجل غير مسلم، والأنكى أنه أميركي. يبدو أنه يستحيل علينا الاقتناع بأنّ أياً يكن في الولايات المتحدة أو خارجها، يمكنه أن ينتج عملاً «فنياً» (يمكن أن تكون ميزانيته ضئيلة على كل حال بغض النظر عن مستواه) من دون الاضطرار إلى العودة لأي نوع من الرقابة أو السلطات. يصعب علينا، لأن نظرية «المؤامرة» تسير في عروقنا. إدراك أنّ العمل الفني يمكن أن يكون «مستقلاً» (عن الدول والمشاريع الكبيرة)، بمعنى أن المخرج المغمور للفيلم الرديء فنياً، والتزويري تاريخياً، والخبيث سياسياً، والمنحاز إسرائيلياً، يمكن أن يكون قد صوّر وأخرج فيلمه من تلقاء نفسه بعدما عثر على مموِّل «صغير» (وقد ثبت أن إنتاج العمل المذكور متواضِع) يتفق وإياه في الرؤية العنصرية ضد الاسلام والمسلمين، وفي شعار «مصلحة إسرائيل أولاً».
ما كان لهذا الفيلم أن يحقّق ذرّة من الشهرة المسبَقة لولا أن نظرية المؤامرة تسكننا. والمؤامرة الرمزية ترافقها الإساءة الرمزية والذود لردها. الفيلم مسيء، لكنه إلى من يسيء غير إساءته للفن السابع؟ إلى ديانة؟ وهل الأنبياء والرسل والآلهة بحاجة لمن يدافع عنهم؟
بالفعل، مرسي من «الشعب» وإلى «الشعب» يعود! نظرية المؤامرة تسكنه مثلما هي تسكننا.
فكرة
كيف تحصل المؤامرة؟
مرّة جديدة، يقدّم الحكام العرب مساهماتهم النوعيّة في موسوعة «كيف تحصل المؤامرة»؟ آخر المساهمين في العرض المستمر، كان الرئيس المصري محمد مرسي في سياق تبريره لسحب دعوة جماعته، «الاخوان المسلمين»، للتظاهر يوم الجمعة الماضي في عموم الأراضي المصرية ضد ما بات يعرف بالفيلم المسيء للاسلام. قال الرجل، بعد ساعات من تلقيه اتصالات أميركية تهدّد مصر العاجزة عن حماية سفارة واشنطن
للكاتب نفسه
«شجرة فوبيا»
أرنست خوري 2013-11-27
قام تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) يوم الجمعة الماضية (22 تشرين الثاني/نوفمبر) بقطع «شجرة الكرسي»، وهي شجرة بلّوط تقع قرب بلدة أطمة السورية، يزيد عمرها عن 160 عاماً،...
ليبيا وضحكة القذّافي
أرنست خوري 2013-11-13
لم يعد لرئيس الحكومة الليبية علي زيدان ما يجرّبه في محاولة إحكام قبضة سلطةٍ مركزيةٍ ما على جزء من أراضي البلاد، إلا التلويح بورقتين انتحاريتين خارجتين عن نطاق الصلاحيات النظرية...
هكذا تكلّم "الصندوق"
أرنست خوري 2013-10-30
أخيراً، خرجت البشارة من بيانات صندوق النقد الدولي: أعلى معدلات نمو اقتصادي في أفريقيا (وربما في العالم) للعام 2013، سجّلتهما ليبيا (16.7 في المئة) ودولة جنوب السودان (69.6 في المئة!)....