حربٌ عالميةٌ؟

الحس السليم بخصوص الأزمة السورية كان وحده يكفي، ومنذ اللحظة الأولى، وبغضّ النظر عن الآراء والميول السياسية والتفضيلات الشخصية، للإقرار بأمرين: لا يوجد حل عسكري لها، ولا يوجد حلٌ من دون مشاركة روسيا وإيران. فمَن يعرف أسس النظام القائم في دمشق يُدرك أنه من نوع "إلى نهاية المطاف" ومهما كانت الأكلاف. ثم أن في البلد انقساماً أهلياً وسياسياً فعلياً، غير قابل للتجاهل إلا بتسييد منطق
2015-10-01

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
عالية الفارسي - عُمان

الحس السليم بخصوص الأزمة السورية كان وحده يكفي، ومنذ اللحظة الأولى، وبغضّ النظر عن الآراء والميول السياسية والتفضيلات الشخصية، للإقرار بأمرين: لا يوجد حل عسكري لها، ولا يوجد حلٌ من دون مشاركة روسيا وإيران.
فمَن يعرف أسس النظام القائم في دمشق يُدرك أنه من نوع "إلى نهاية المطاف" ومهما كانت الأكلاف. ثم أن في البلد انقساماً أهلياً وسياسياً فعلياً، غير قابل للتجاهل إلا بتسييد منطق الغلبة والإخضاع، وإنْ وفق معادلة أو حجة "سطوة الأغلبية هذه المرة"، الذي يدافع عنها أصحابها وكأنها صنو الديموقراطية (أليست هذه "حكم الأغلبية"؟!) متناسين أنه في الديموقراطية ــ على عِلاَّتها ــ فالأغلبية متشكلة من أفراد مواطنين لا من كتل مذهبية أو عرْقية. والأغلبية هنا تصبح مجرد تهديد بإسالة دماء أقلية أو أقليات، ستقاتل لألف سبب، منه الرعب من الثارات إن لم يكن الدفاع عن الامتيازات. وفي ذلك كله عنوان وحيد: الحرب الأهلية. وهذه خراب ووبال، هنا وفي كل مكان.
ومن يُلِمّ بالجغرافيا يدرك أن إيران ابنة المنطقة، و "شرعية" امتلاكها لخيارات بخصوصها تتفوّق بكثير على شرعيات دول الغرب، دانيها وقاصيها. وأن الجغرافيا ومعها التاريخ ولّدا وقائع من كل صنف كان يجدر أخذها بالحسبان. وأن روسيا هي الأخرى تقع على حدود تركيا وإيران معاً في طرفها الآسيوي، وأن الغرب ذاك ــ باسم حلف الناتو ــ لم يتوقف، مذ اعتبر نفسه منتصراً في الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية، عن السعي لمضايقتها في عقر دارها، أي في ما كان جزءاً من اتحادها السوفياتي أو يدور في فلكها ويقع على حدودها.. وأنها كانت ستسعى هي الأخرى لردّ الصاع صاعين، حيث يمكنها.
غريب أن تكون كبرى مدارس العلوم السياسية العالمية (السيئة الذكر) ومعها برامج "الدراسات الاستراتيجية" (وما أكثرها في الغرب) قد تجاهلت تلك البديهيات، ونظّرت للقادة السياسيين إمعانهم في الحماقة. والثمن دفعه الشعب السوري الذي لحق به هول موصوف.
التوافق على تلك الأسس في خطابَي رئيسَي أميركا وروسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أهمّ بكثير من نقاط الخلاف القائمة والتي يتسلّى الإعلام بالنفخ فيها. سيكون البحث عن حلول شاقاً، ولعله سيطول. ولكن الرجاء هو ألا يفشل وتتحوّل منطقتنا إلى مسرح لحرب عالمية، باردة أو ساخنة.


وسوم: العدد 163

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...