الثورات.. عُجرها وثمراتها

هُزِمت الثورات التي انطلقت منذ أربع سنوات، وعمت منطقتنا من أقصاها إلى أقصاها، حتى لامست الممكن حيث لم تقع. هُزمت سياسياً، ليس فحسب بمعنى التمكن من الاستيلاء على السلطة، وهو ـ هذا الاستيلاء أو الطموح إليه ـ حق وليس عُرّة، وذَهبت في سياقات متنوعة، كشفت جميعها عن أعطاب أساسية، ليس اقلها العجز الفكري وانعدام الخيال السياسي ونقص التهيؤ.. وأمراض أخرى. لكن، لأنه هناك "لكن" كبيرة:<br
2014-12-17

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك

هُزِمت الثورات التي انطلقت منذ أربع سنوات، وعمت منطقتنا من أقصاها إلى أقصاها، حتى لامست الممكن حيث لم تقع. هُزمت سياسياً، ليس فحسب بمعنى التمكن من الاستيلاء على السلطة، وهو ـ هذا الاستيلاء أو الطموح إليه ـ حق وليس عُرّة، وذَهبت في سياقات متنوعة، كشفت جميعها عن أعطاب أساسية، ليس اقلها العجز الفكري وانعدام الخيال السياسي ونقص التهيؤ.. وأمراض أخرى.
لكن، لأنه هناك "لكن" كبيرة:
فما وقع منذ أربع سنوات لم يكن مأمولاً، لأن اليأس من وقوعه كان قد بلغ أبعد مداه، بحيث حوّل فكرة التمرد والرفض والاحتجاج والإرادة.. إلى مفردات لا طائل منها. ليتبين أن جمراً كان تحت الرماد، وأن الموجة الأخيرة تلك التي نجحت في هزّ البنى السياسية (فقلبت السلطات أو هددتها، كما تَحدّت المعارضات القائمة)، هي وريثة محاولات كثيرة أحبطت في كل مرة، إلى حد إيقاع ذلك اليأس الذي أصبح أحد أدوات الحكم، جنباً إلى جنب مع القمع والتجهيل والإفقار الخ..
وما وقع منذ أربع سنوات، وما دل عليه من "إمكان"، أثار رعب النظام المهيمن (بالمعنى العام) فلجأ إلى توسل كل ما تملك أطرافه لكبح الثورة واستعادة الزمام. وعلى رأس الأدوات القمع العنيف. كما أنه لو كان هناك تآمر كما يُقال (فالهزائم تثير الشك بالنفس!) فهو وقع في هذا البند وليس في إطلاق الثورات. ولا شك أن القصور الذاتي كان حليفاً لمخططات الرِدة تلك.
وما وقع منذ أربع سنوات، وبرغم هزيمته السياسية، أوقف حالة متمددة، كانت أصلاً أحد الأسباب الدافعة للثورات، سماتها اتجاه السلطات الحاكمة إلى التخلي عن كل الوظائف الاجتماعية، وتبني البرانية والابتذال والاستهتار والتغول في الفساد.. فوصل الأمر إلى حد الاستغناء ـ حتى رمزياً في السكن مثلا وفي الخطاب، وليس فحسب في خيارات الإنتاج ـ عن كل صلة بالمجتمع، وتحويل الناس (والمدن بما فيها العواصم) الى "زائدين عن الحاجة"، كمٌ مهمل. تضطر السلطات اليوم إلى استعادة الاهتمام بالناس ولو كذباً، وإلى العودة الى "كسبهم" بمقدار قمعهم.
ما وقع منذ أربع سنوات أرضٌ لاستمرار الصراع. ففي هوامش الحقل السياسي ظهر امتلاك هذه المجتمعات للصبر والعناد، وأزهرت إبداعات خلاّقة. سيصير التغيير.

 

للكاتب نفسه

كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"

تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...